{ ختامه مسك } : أي آخر شربها يفوح برائحة المسك .
{ فليتنافس المتنافسون } : أي فليطلب بالطاعة والاستقامة الطالبون للنعيم المقيم .
ختامه مسك آخر هذا الشراب يفوح برائحة المسك الأذفر فهي طيبة الرائحة للغاية . وقوله تعالى { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } أي وفي مثل هذا النعيم لا في غيره من حطام الدنيا وشرابها وملكها الزائل يجب أن يتنافس المتنافسون أي في طلبه بالإِيمان وصالح الأعمال بعد البعد كل البعد عن الشرك وسيئي الأقوال وقبيح الأفعال .
وقرأ علي وعلقمة وشقيق والضحاك وطاوس والكسائي " خاتمه " بفتح الخاء والتاء وألف بينهما . قاله علقمة : أما رأيت المرأة تقول للعطار : أجعل خاتمه مسكا ، تريد آخره . والخاتم والختام متقاربان في المعنى ، إلا أن الخاتم الاسم ، والختام المصدر . قاله الفراء . وفي الصحاح : والختام : الطين الذي يحتم به . وكذا قال مجاهد وابن زيد : ختم إناؤه بالمسك بدلا من الطين . حكاه المهدوي . وقال الفرزدق :
وبِتُّ أفُضُّ أغلاقَ الخِتَامِ{[15860]}
وأبرزها وعليها خَتَمْ{[15861]}
أي عليها طينة مختومة ، مثل نفض بمعنى منفوض ، وقبض بمعنى مقبوض . وذكر ابن المبارك وابن وهب ، واللفظ لابن وهب ، عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى : " ختامه مسك " : خلطه ، ليس بخاتم يختم ، ألا ترى إلى قول المرأة من نسائكم : إن خلطه من الطيب كذا وكذا . إنما خلطه مسك . قال : شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر أشربتهم ، لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها ، لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها . وروى أبي بن كعب قال : قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم ؟ قال : ( غدران الخمر ) . وقيل : مختوم في الآنية ، وهو غير الذي يجري في الأنهار . فالله أعلم . " وفي ذلك " أي وفي الذي وصفناه من أمر الجنة " فليتنافس المتنافسون " أي فليرغب الراغبون يقال : نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة : أي ضننت به ، ولم أحب أن يصير إليه . وقيل : الفاء بمعنى إلى ، أي وإلى ذلك فليتبادر المتبادرون في العمل . نظيره : " لمثل هذا فليعمل العاملون " .
ولما كان الختم{[72252]} حين الفك{[72253]} لا بد أن ينزل من فتاته في الشراب قال : { ختامه مسك } وقال ابن مسعود رضي الله عنه{[72254]} : إن المراد بختامه آخر طعمه ، فيحصل أن ختامه في أول فتحه وفي آخر شربه المسك ، وذلك يقتضي أن لا يكون يفتحه إلا شاربه ، وأنه يكون على{[72255]} قدر كفايته فيشربه كله ، والعبارة صالحة لأن يكون الختام-{[72256]} أولاً وآخراً ، وهو يجري مجرى افتضاض البكر . ولما كان التقدير : فيه{[72257]} يبلغ نهاية اللذة الشاربون ، عطف عليه قوله : { وفي ذلك } أي الأمر العظيم{[72258]} البعيد المتناول وهو العيش والنعيم والشراب الذي هذا وصفه { فليتنافس } أي فليرغب غاية الرغبة بجميع الجهد والاختيار { المتنافسون * } أي الذين من شأنهم المنافسة وهو أن يطلب كل منهم أن يكون ذلك المتنافس فيه لنفسه خاصة دون غيره لأنه{[72259]} نفيس جداً ، والنفيس هو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتتغالى فيه . والمنافسة في مثل هذا بكثرة الأعمال الصالحات-{[72260]} والنيات الخالصة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.