محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ} (26)

{ ختامه مسك } قال القفال أي الذي يختم به رأس قارورة ذلك الرحيق هو المسك كالطين الذي يختم به رؤوس القوارير فكأن ذلك المسلك رطب ينطبع فيه الخاتم .

وعن بعض السلف واللغويين المختوم الذي له ختام أي عاقبة وقد فسرت بالمسك أي من شربه كان ختم شربه على ريح المسك والقصد لذة المقطع بذكاء الرائحة وأرجها على خلاف خمر الدنيا الخبيثة الطعم والرائحة { وفي ذلك } أي النعيم المنوه به وما تلاه { فليتنافس المتنافسون } أي فليرغب الراغبون بالاستباق إلى طاعة الله تعالى .

قال ابن جرير {[7396]} التنافس أن ينفس الرجل بالشيء يكون له ويتمنى أن يكون له دونه وهو مأخوذ من الشيء النفيس وهو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتطلبه وتشتهيه وكأن معناه في ذلك فليجد الناس فيه وإليه فليستبقوا في طلبه ولتحرص عليه نفوسهم وقال الرازي إن مبالغته تعالى في الترغيب فيه تدل على علو شأنه وفيه إشارة إلى أن التنافس يجب أن يكون في مثل ذلك النعيم العظيم الدائم لا في النعيم الذي هو مكدر سريع الفناء


[7396]:انظر الصفحة رقم 108 من الجزء الثلاثين (طبعة الحلبي الثانية).