تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ} (26)

الآية 26 : وقوله تعالى : { مختوم } { ختامه مسك } فجائز أن يكون راجعا إلى حال الإناء الذي كانوا يؤثرونه في الدنيا ، وأخبر أن ختامه بأنفس شيء عرفوه في الدنيا ، وهو المسك ليس كالختام في الدنيا ، لأنهم يختمون أوانيهم في الدنيا بالشيء الرذل وبما لا قدر له عندهم .

وجائز أن يكون منصرفا إلى الشاربين : إنهم لا يشربون أبدا ، بل يكون له ختم ، ولكن لا تنقطع لذة الشراب عنهم ، بل أبدا يجدون من ذلك ريح المسك .

وقوله تعالى : { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } فجائز أن يكون أراد به الشراب الذي وصفه في قوله : { رحيق مختوم } والتنافس حرف يستعمل في الخيرات ؛ كأنه يقول : فليرغبوا في الشراب الذي هذا وصفه الذي { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } [ الصافات : 47 ] لا في الشراب الذي [ يذهب ]{[23316]} بالعقول ، ويضعف [ الأبدان ، ويتلف ]{[23317]} الأموال . أو فليتنافسوا في النعيم الذي وصف ههنا لا في النعيم [ الذي ]{[23318]} ينقطع ، ولا يدوم ؛ فكأنه يقول : فليرغبوا في ما يعقب لهم النعيم الدائم والشراب الذي لا تنقطع لذته .

وقيل : { ختامه مسك } ما بقي في الكأس من البقية يكون ذلك مسكا . والتنافس إنما يكون في المسارعة في الخيرات وترك الإتباع للشهوات والانتهاء عن المعاصي ، وهو كقوله : { لمثل هذا فليعمل العاملون } [ الصافات : 61 ] أي فليكن عملهم لما يثمر لهم ما ذكر من النعيم ، لا في الذي ينقطع ، ويكون عقباه النار .


[23316]:من م، ساقطة من الأصل.
[23317]:من م، في الأصل: يتلف.
[23318]:من م، ساقطة من الأصل.