غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ} (26)

1

{ ختامه } أي ما يختم به { مسك } مكان الطينة أو الشمعة . وإنما ختم تكريماً وصيانة على ما جرت به العادة فكأنها أشرف من الخمر الجارية في أنهارها من الجنة . وقيل : ختامه أي مقطعه رائحة المسك إذا شرب . وهذا قول علقمة والضحاك وسعيد بن جبير ومقاتل وقتادة . قال الفراء : الختام آخر كل شيء ومنه يقال : ختمت القرآن ، والأعمال بخواتيمها ، والخاتم مثله وأنت خاتم النبيين . والتركيب يدل على القطع والانتهاء بجميع معانيه . عن أبي الدرداء مرفوعاً : هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شربهم ، لو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريحه الطيبة . قال بعضهم : مزج الخمر بالأدوية الحارة مما يعين على الهضم وتقوية الشهوة ، فلعل فيه إشارة إلى قوة شهوتهم وصحة أبدانهم . ثم رغب في العمل الموجب لهذا الكرامة قائلاً { وفي ذلك فيتنافس المتنافسون } فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله . قال أهل اللغة : نفست لعيه الشيء نفاسة إذا ضننت به وأن لا تحب أن يصير إليه ، والتنافس تفاعل منه فإن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به لما يظهر من نفسه من الجد والاعتمال في الطاعة والعبودية . والجملة معترضة ، وفي تقديم الجار إشارة إلى أن السعي والإتعاب يجب أن يكون في مثل ذلك النعيم لا في النعيم الزائل .

/خ36