التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (24)

{ أم يقولون } أم منقطعة للإنكار والتوبيخ .

{ فإن يشاء الله يختم على قلبك } فالمقصد بهذا قولان :

أحدهما : أنه رد على الكفار في قولهم : { أفترى على الله كذبا } أي : لو افتريت على الله كذبا لختم على قلبك ولكنك لم تفتر على الله كذبا فقد هداك وسددك .

والآخر : أن المراد : إن يشأ الله يختم على قلبك بالصبر على أقوال الكفار وتحمل أذاهم .

{ ويمح الله الباطل } هذا فعل مستأنف غير معطوف على ما قبله لأن الذي قبله مجزوم وهذا مرفوع فيوقف على ما قبله ويبدأ به ، وفي المراد به وجهان :

أحدهما : أنه من تمام ما قبله أي : لو افتريت على الله كذبا لختم على قلبك ومحا الباطل الذي كنت تفتريه لو افتريت .

والآخر : أنه وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمحو الله الباطل وهو الكفر ويحق الحق وهو الإسلام .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (24)

قوله : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } { أَمْ } هي المنقطعة ؛ أي بل أيقولون افترى محمد على الله كذبا بدعواه النبوة . والاستفهام للإنكار والتوبيخ . وافترى من الافتراء وهو الاختلاق . وافتراء الكذب اختلاقه . وهكذا يهذي المشركون المكذبون إذ يقولون إن محمدا – بما ادعاه من نبوة – قد اختلق الكذب على الله .

قوله : { فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ } ذلك جواب من الله لهؤلاء المكذبين السفهاء . والمعنى : لو افتريت على الله كذبا يا محمد – كما يزعم هؤلاء الضالون – لطبع الله على قلبك فأنساك القرآن .

قوله : { وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ } أي يذهب الله بالباطل ويمحقه { وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } المراد بالحق دين الإسلام ، وهو دين الله القويم جعله الله هداية للعالمين ورحمة . والله يثبت هذا الحق بكلماته وهي القرآن الكريم . هذا الكلام الرباني المعجز الذي جعله الله نورا تستضيء به البشرية في هذه الدنيا كيلا تضلَّ أو تتعثر أو تشقى .

قوله : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } الله يعلم ما تكنه صدور عباده فلا عليه من ذلك شيء . وفي ذلك إشعار من الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه لو حدثته نفسه أن يفتري على الله كذبا لطبع الله على قلبه وأذهب منه ما آتاه من وحي . وذلك ليستيقن المؤمنون ، ويعلمَ الكافرون أن القرآن منزل من عند الله وليس في مستطاع أحد أن يفتري على الله منه شيئا . {[4104]}


[4104]:تفسير الطبري ج 25 ص 17-18 وتفسير القرطبي ج 16 ص 24-25.