{ أم يقولون افترى على الله كذبا } أي بدعوى النبوة والوحي { فإن يشإ الله يختم على قلبك } قال ابن كثير : أي : لو افتريت عليه كذبا كما يزعم هؤلاء الجاهلون ، يختم على قلبك . أي ؛ يطبع على قلبك ويسلبك ما كان آتاك من القرآن . كقوله :{[6467]} جل جلاله { ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل* لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين } أي لانتقمنا منه أشد الانتقام ، وما قدر أحد من الناس أن يحجز عنه . انتهى .
وهذا تفسير بالأشباه والنظائر من الآيات ، يؤثره كثير من الأئمة ، ما وجد إليه سبيلا . فإن التنزيل يفسّر بعضه بعضا . ومآل الآية على هذا المعنى ، كما أوضحه أبو السعود ، هو الاستشهاد على بطلان ما قالوا ، ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله تعالى ، لمنعه من ذلك قطعا ، فختم على قلبه بحيث لم يخطر بباله معنى من معانيه ، ولم ينطق بحرف من حروفه . وحيث لم يكن الأمر كذلك ، بل تواتر الوحي حينا فحينا ، تبين أنه من عند الله تعالى .
وقال الزمخشري : فإن يشإ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم ، حتى تفتري عليه الكذب . فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على الله ، إلا من كان في مثل حالهم . وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله ، وإنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في الجملة المختوم على/ قلوبهم . ومثل هذا أن يخوّن بعض الأمناء فيقول : لعل الله خذلني . لعل الله أعمى قلبي . وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب . وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله ، والتنبيه على أنه رُكِبَ من تخوينه أمر عظيم . انتهى .
قال الشهاب : فمعناه ، إن يشأ الله يختم على قلبك كما فعل بهم . فهو تسلية له صلوات الله عليه ، وتذكير لإحسانه إليه وإكرامه ، ليشكر ربه ويترحم على من ختم على قلبه ، فاستحق غضب ربه ، ولولا ذلك ما اجترأ على نسبته لما ذكر . ولذا أتى ( بأن ) في موضع ( لو ) إرخاء للعنان ، وتلميحا للبرهان . على أنه لا يتصور وصفه بما ذكروه . فالتفريع بالنظر للمعنى المكنّى عنه . وحاصله أنهم اجترؤوا على هذا المحال ، لأنهم مطبوعون على الضلال . انتهى { ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور } استئناف مقرر لنفي الافتراء عما يقوله عليه الصلاة والسلام ، بأنه لو كان مفترى لمحقه . إذ من سنته تعالى محو الباطل وإثبات الحق بوحيه . فليس { يمح } مجزوما بالعطف على الجزاء ، بل معطوف على مجموع الجملة والكلام السابق . ولذا أعيد لفظ الجلالة ورفع { يحق } . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون عدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأنه يمحو الباطل الذي هم عليه من البهت والتكذيب ، ويثبت الحق الذي أنت عليه بالقرآن ، وبقضائه الذي لا مردّ له من نصرتك عليهم . إن الله عليم بما في صدرك وصدورهم ، فيجري الأمر على حسب ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.