غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (24)

24

/خ24

التفسير : لما ذكر في أول السورة أن هذا القرآن إنما حصل بوحي الله وانجر الكلام إلى هاهنا حكى شبهة القوم وهي زعمهم أنه مفترى وليس بوحي فقال { أم يقولون افترى } قال جار الله : " أم " منقطعة ، ومعنى الهمزة فيه التوبيخ كأنه قيل : أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى أعظم أنواع الفرية وهو الافتراء على الله ، ثم أجابهم بقوله { فإن يشاء الله يختم على قلبك } أي يجعلك من المختوم على قلوبهم فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على الله إلا من كان في مثل حالهم . والغرض المبالغة في استبعاد الافتراء من مثله والتعريض بأن من ينسبه إلى الافتراء فهو مختوم على قلبه . وقيل : لأنساك ما أتاك من القرآن ولكنه لم يشأ فأثبته فيه ، وقيل : لأماتك فإن قلب الميت كالمختوم عليه ومثله { لقطعنا منه الوتين } قاله قتادة . وقال مجاهد ومقاتل : يربط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يدخل قلبك حزن مما قالوه . ثم استأنف فقال { ويمح الله الباطل } أي من عادته ذلك فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم مبطلاً لفضحه وكشف عن باطله ، وحذف الواو من الخط لا للجزم كما في قوله { ويدع الإنسان } [ الإسراء : 11 ] { سندع الزبانية } [ العلق : 18 ] وفي تفسير الجبائي أن الواو حذف للجزم ، والمعنى إن افتريت ختم على قلبك ومحا الباطل المفترى ، فالاستئناف على هذا من قوله { ويحق الحق بكلماته } [ يونس : 82 ] أي يثبت ما هو الحق في نفسه بوحيه أو بقضائه . ويجوز أن يكون وعداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يمحو الباطل الذي هم عليه من البهت والتكذيب ويظهر الحق الذي أنت عليه وهو القرآن بحكمه السابق وبعلمه القديم { إنه عليم بذات الصدور } فيجازي المبطل والمحق على حسب حاليهما .