التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (6)

{ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل } إنما قال موسى يا قوم وقال عيسى : يا بني إسرائيل لأنه لم يكن له فيهم أب { مصدقا لما بين يدي من التوراة } معناه مذكور في البقرة في قوله : { مصدقا لما معكم } [ البقرة : 41 ] .

{ ومبشرا برسول } عن كعب أن الحواريين قالوا لعيسى يا روح الله هل بعدنا من أمة قال : نعم أمة أحمد حكماء علماء أتقياء أبرار .

{ اسمه أحمد } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الله الناس على قدمي وأنا العاقب فلا نبي بعدي " ، وأحمد مشتق من الحمد ويحتمل أن يكون فعلا سمي به أو يكون صفة سمي بها كأحمد ويحتمل أن يكون بمعنى حامد أو بمعنى محمود كمحمد .

{ فلما جاءهم بالبينات } يحتمل أن يريد عيسى أو محمد عليهما الصلاة والسلام ويؤيد الأول اتصاله بما قبله ويؤيد الثاني قوله : { وهو يدعى إلى الإسلام } لأن الداعي إلى الإسلام هو محمد صلى الله عليه وسلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (6)

قوله : { وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم } يعني واذكر قول عيسى ابن مريم لبني إسرائيل : إني مرسل إليكم من ربي أبلغكم دين الحق وأنهاكم عن الشرك والباطل وأتلو عليكم الإنجيل ، { مصدقا لما بين يديّ من التوراة } أي جئت مصدقا لكتاب الله التوراة الذي أنزله الله من قبلي على رسوله موسى ، { ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } أي وأحمل لكم البشرى بالنبي العربي الأمي من بعدي واسمه أحمد . فقد كان عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) خاتم النبيين من بني إسرائيل . وقد قام في بني إسرائيل مبشرا برسول الله محمد ، وهو أحمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين والمرسلين . وأحمد اسم تفضيل ومعناه أحمد الحامدين لرب العالمين وأكثر النبيين والمرسلين حمدا لله .

ونبوته صلى الله عليه وسلم حقيقة لا شك فيها . إنها حقيقة ساطعة بلجة استيقنتها قلوب أهل الكتاب أنفسهم فما يجحدها الجاحدون منهم إلا استكبارا وحسدا ونفورا من الحق واليقين ورغبة في الضلال والشر ، وإذعانا للهوى الذي يركب النفس المريضة .

قوله : { فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين } لما جاء أحمد صلى الله عليه وسلم قومه بالدلالات الظاهرة والحجج الباهرة بادروه التكذيب وقالوا : إن ما جاءهم به إن هو إلا سحر ظاهر . ذلك قولهم بألسنتهم التي تصطنع الكذب والجحود اصطناعا ، وهم موقنون أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ويقين ، ليس بالعبث ولا باللغو أو الهزل . فهم لا يكذبون إلا عتوّا ومكابرة وظلما{[4526]} .


[4526]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 360 وتفسير القرطبي جـ 18 ص 83، 84.