سورة   الصف
 
الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (6)

وقوله : { وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِى اسمه أَحْمَدُ } قال عياض في «الشفا » : سَمَّى اللَّه تعالى نبيَّه في كتابه محمداً وأحمدَ ؛ فأما اسمه أحمد ، فأَفْعَلُ مبالغةً من صفةِ الحَمْدِ ، ومُحَمَّد «مُفَعَّل » من كثرةِ الحمدِ ، وسمى أمَّته في كتب أنبيائِه بالحمَّادينَ ؛ ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصِه سبحانه وبدائع آياته ؛ أنه سبحانه حَمَى أن يتسمَّى بهما أَحَدٌ قَبْلَ زمانِه ، أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشَّرَتْ به الأنبياء ؛ فمنع سبحانه أن يَتَسَمَّى به أحد غيرُه ؛ حتى لا يدخلَ بذلكَ لَبْسٌ عَلى ضعيفِ القلبِ ؛ وكذلك محمَّد أيضاً لم يَتَسَمَّ به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شَاعَ قبيلَ وجودِه صلى الله عليه وسلم وميلادِه أَنَّ نبيًّا يبعثُ اسمهُ محمد ؛ فسمَّى قومٌ قليلٌ من العرب أبناءَهم بذلك ؛ رجاءَ أَنْ يكونَ أحدُهم هو ، وهُم محمد بن أحيحة الأوسي ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، ومحمد بن براء البكري ، ومحمد بن سفيان باليمن ، ويقولون : بل محمد بن اليحمد من الأزد ، ومحمد بن سوادة منهم ؛ لا سابعَ لهم ، ولم يَدَّعِ أحد من هؤلاء النبوَّة أو يظهرْ عليْهِ سببٌ يشكِّكُ الناس ، انتهى ، وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ : " لاَ تُسَمُّوا أَوْلاَدَكُمْ مُحَمَّداً ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ " ، رواه الحاكم في «المستدركِ » ، انتهى من «السلاح » .

وقوله سبحانه : { فَلَمَّا جَاءَهُم بالبينات } الآية : يحتملُ أن يريدَ «عيسى » ويحتملُ أن يريدَ محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه تقدَّمَ ذكرُه ، ( ت ) : والأول أظهر .