التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

{ إن ناشئة الليل } في الناشئة سبعة أقوال :

الأول : أنه النفس الناشئة بالليل أي : التي تنشأ من مضجعها وتقوم للصلاة .

الثاني : الجماعات الناشئة الذين يقومون للصلاة .

الثالث : العبادة الناشئة بالليل أي : تحدث فيه .

الرابع : الناشئة القيام بعد النوم فمن قام أول الليل قبل أن ينام فلم يقم ناشئة .

الخامس : الناشئة القيام أول الليل بعد العشاء .

السادس : الناشئة بعد المغرب والعشاء .

السابع : ناشئة الليل ساعاته كلها { هي أشد وطئا } يحتمل معنيين :

أحدهما : أثقل وأصعب على المصلي ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشدد وطأتك على مضر ، والأثقل أعظم أجرا " فالمعنى تحريض على قيام الليل لكثرة الأجر .

الثاني : أشد ثبوتا من أجل الخلوة وحضور الذهن والبعد عن الناس ويقرب هذا من معنى أقوم قيلا وقرئ وطئا بكسر الواو على وزن فعال ومعناه : موافقة أي : يوافق القلب واللسان بحضور الذهن .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

قوله : { إن ناشئة الليل هي أشد وطئا } ناشئة الليل هي أوقاته وساعاته ، لأن أوقاته تنشأ أولا فأولا . واختلفوا في المراد بناشئة الليل . فقد قال ابن عمر وأنس بن مالك : ما بين المغرب والعشاء .

وعن عائشة وابن عباس ( رضي الله عنهم ) أن الناشئة هي القيام بالليل بعد النوم . فمن قام أول الليل قبل النوم فما قام ناشئة . وجاء في الصحاح أن ناشئة الليل أول ساعاته . وعن الحسن أنها ما بعد العشاء الآخرة إلى الصبح . وقيل : وقيل : هي القيام من آخر الليل .

قوله : { هي أشد وطئا } وطئا ، منصوب على التمييز{[4670]} يعني : أشد موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص . وعن الحسن قال : أشد موافقة بين السر والعلن لانقطاع رؤية الخلائق . وقيل : أثقل على المصلي من ساعات النهار ، لأن الليل وقت منام وراحة وسكينة فمن شغله بالعبادة فقد احتمل مشقة كبيرة .

قوله : { وأقوم قيلا } ذكر في تأويل ذلك عدة أقوال ، وهي في مدلولاتها متقاربة . فقد قيل : أصوب للقراءة وأثبت للقول . وهو قول قتادة ومجاهد . وقيل : عبادة الليل أتم نشاطا وأتم إخلاصا وأكثر بركة . وهو قول عكرمة . وقيل : أقوم قراءة لفراغه من الدنيا . وقال ابن عباس : أدنى من أن تفقهوا القرآن .


[4670]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 469.