التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{ٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّـٰٓـِٔي وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَيَقُولُونَ مُنكَرٗا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورٗاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ} (2)

{ الذين يظاهرون منكم من نسائهم } قرئ يظاهرون بألف بعد الظاء وبحذفها وبالتشديد والتخفيف والمعنى واحد وهو إيقاع الظهار ، والظهار المجمع عليه هو أن يقول الرجل لامرأته : أنت علي كظهر أمي ويجري مجرى ذلك عند مالك تشبيه الزوجة بكل امرأة محرمة على التأبيد كالبنت والأخت وسائر المحرمات بالنسب والمحرمات بالرضاع والمصاهرة سواء ذكر لفظ الظهر أو لم يذكره كقوله : أنت علي كأمي أو كبطن أمي أو يدها أو رجلها خلافا للشافعي فإن ذلك كله عنده ليس بظهار لأنه وقف عند لفظ الآية ، وقاس مالك عليها لأنه رأى أن المقصد تشبيه بحرام .

{ ما هن أمهاتهم } رد الله بهذا على من كان يوقع الظهار ويعتقده حقيقة وأخبر تعالى أن تصير الزوجة أما باطل فإن الأم في الحقيقة إنما هي الوالدة .

{ وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } أخبر تعالى أن الظهار منكر وزور ، فالمنكر هو الذي لا تعرف له حقيقة والزور هو الكذب وإنما جعله كذبا لأن المظاهر يصير امرأته كأمه وهي لا تصير كذلك أبدا والظهار محرم ويدل على تحريمه أربعة أشياء :

أحدها : قوله تعالى : { ما هن أمهاتهم } فإن ذلك تكذيب للمظاهر .

والثاني : أنه سماه منكرا .

والثالث : أنه سماه زورا .

والرابع : قوله : { وإن الله لعفو غفور } فإن العفو والمغفرة لا تقع إلا عن ذنب وهو مع ذلك لازم للمظاهر حتى يرفعه بالكفارة .