بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّـٰٓـِٔي وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَيَقُولُونَ مُنكَرٗا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورٗاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ} (2)

قوله تعالى : { الذين يظاهرون مِنكُمْ مّن نّسَائِهِمْ } قرأ عاصم { يظاهرون } بضم الياء وكسر الهاء ، والتخفيف من ظاهر يظاهر ، وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، { يَظْهَرُونَ } بنصب الياء ، مع التشديد ، وهو في الأصل يتظهرون ، فأدغمت التاء في الظاء ، والمعنى في هذا كله واحد ، يقال : ظاهر من امرأته ، وتظهَّر منها ، وأظهر منها ، ، إذا قال لها : أنت عليّ كظهر أمي .

ثم قال : { مَّا هُنَّ أمهاتهم } وروى الفضل عن عاصم ، أمهاتُهم بضم التاء ، لأنه خبر ما ، كقولك ما زيد عالم ، وقرأ الباقون بالكسر ، لأن التاء في موضع النصب ، فصار خفضاً لأنها تاء الجماعة ، وهي لغة أهل الحجاز ، فينصبون خبر «ما » ، كقوله ما هذا بشراً ، ما هن كأمهاتهم في الحرمة { إِن أمهاتهم } يعني : ما أمهاتهم { إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ } يعني : الأم التي ولدته ، والأم التي أرضعته ، لأنه قال في موضع آخر { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت وأمهاتكم الْلاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأخواتكم مِّنَ الرضاعة وأمهات نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي في حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وحلائل أَبْنائِكُمُ الذين مِنْ أصلابكم وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأختين إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء : 23 ] .

ثم قال : { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ القول وَزُوراً } يعني : قولاً منكراً وكذباً { وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } يعني : ذو تجاوز { غَفُورٌ } ، حيث جعل الكفارة لرفع الحرمة ، ولم يجعل فرقة بينهما .