{ الذين يظاهرون منكم من نسائهم } يعني يقولون لهن أنتن كظهور أمهاتنا { ما هن أمهاتهم } أي ما اللواتي يجعلونهن من زوجاتهن كالأمهات بأمهات والمعنى ليس هن بأمهاتهم { إن أمهاتهم } أي ما أمهاتهم { إلا اللائي ولدنهم وإنهم } يعني المظاهرين { ليقولون منكراً من القول } يعني لا يعرف في الشرع { وزوراً } يعني كذباً وقيل إنما وصفه بكونه منكراً من القول وزوراً لأن الأم محرمة تحريماً مؤبداً والزوجة لا تحرم عليه بهذا القول تحريماً مؤبداً فلا جرم صار ذلك منكراً من القول وزوراً { وإن الله لعفو غفور } عفا الله عنهم وغفر لهم بإيجاب الكفارة عليهم .
( فصل في أحكام الظهار : وفيه مسائل ) :
المسألة الأولى : في معناه لغة قيل إن مشتق من الظهر وهو العلو وليس هو من ظهر الإنسان إذ ليس الظهر بأولى من سائر الأعضاء التي هي مواضع التلذذ والمباضعة فثبت بهذا أنه مأخوذ من الظهر الذي هو العلو لأن امرأة الرجل مركب له وظهر يدل عليه قول العرب في الطلاق نزلت عن امرأتي أي طلقتها وفي قولهم أنت علي كظهر أمي حذف وإضمار لأن تأويله ظهرك علي أي ملكي إياك وعلوي عليك حرام كعلوي أمي وعلوه عليها حرام .
المسألة الثانية : كان الظهار من أشد طلاق أهل الجاهلية لأنه في التحريم آكد ما يمكن فإن كان ذلك الحكم صار مقرراً بالشرع كانت الآية ناسخة له وإلا لم يعد نسخاً لأن النسخ إنما يدخل في الشرائع لا في أحكام الجاهلية وعادتهم .
المسألة الثالثة : في الألفاظ المستعملة لهذا المعنى في الشريعة وعرف الفقهاء الأصل في هذا قوله أنت عليّ كظهر أمي وأنت مني أو معي أو عندي كظهر أمي وكذا لو قال أنت عليّ كبطن أمي أو كرأس أمي أو كيد أمي أو قال بطنك أو رأسك أو يدك عليّ كظهر أمي أو شبه عضواً منها بعضو من أعضاء أمه يكون ذلك ظهاراً وقال أبو حنيفة إن شبهها ببطن أمه أو بفرجها أو بفخذها يكون ظهاراً وإن شبهها بعضو غير هذه الأعضاء لا يكون ظهاراً ولو قال أنت عليّ كأمي أو كروح أمي وأراد به الإعزاز والإكرام لا يكون ظهاراً حتى ينويه ويريده ولو شبهها بجدته فقال أنت عليّ كظهر جدتي يكون ظهاراً وكذلك لو شبهها بامرأة محرمة عليه بالقرابة بأن قال أنت علي كظهر أختي أو عمتي أو خالتي أو شبهها بامرأة محرمة عليه بالرضاع يكون ظهاراً على الأصح .
المسألة الرابعة : فيمن يصح ظهاره قال الشافعي الضابط في هذا أن كل من صح طلاقه صح ظهاره فعلى هذا يصح ظهار الذمي وقال أبو حنيفة لا يصح احتج الشافعي بعموم قوله :{ والذين يظاهرون من نسائهم } واحتج أبو حنيفة بأن هذا خطاب للمؤمنين فيدل على أن الظهار مخصوص بالمؤمنين وأجيب عنه بأن هذا خطاب يتناول جميع الحاضرين فلم قلتم إنه مختص بالمؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.