التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المجادلة مدنية وآياتها 22 نزلت بعد المنافقون .

{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } نزلت الآية في خولة بنت حكيم ، وقيل : خولة بنت ثعلبة ، وقيل : خولة بنت خويلد ، وقيل : اسمها جميلة وكانت امرأة أوس بن الصامت الأنصاري أخو عبادة بن الصامت فظاهر منها وكان الظهار في الجاهلية يوجب تحريما مؤبدا ، فلما فعل أوس ذلك جاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " يا رسول الله إن أوسا أكل شبابي ونشرت له بطني فلما كبرت ومات أهلي ظاهر مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيتك إلا قد حرمت عليه ، فقالت : يا رسول الله لا تفعل إني وحيدة ليس لي أهل سواه فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل مقالته فراجعته ، فهذا هو جدالها " .

{ وتشتكي إلى الله } كانت تقول : اللهم إني أشكو إليك حالي وانفرادي وفقري ، وروي : أنها كانت تقول : اللهم إن لي منه صبية صغارا إن ضممتهم إلي جاعوا ، وإن ضممتهم إليه ضاعوا .

{ والله يسمع تحاوركما } المحاورة هي المراجعة في الكلام قالت عائشة رضي الله عنها : سبحان من وسع سمعه الأصوات لقد كنت حاضرة وكان بعض كلام خولة يخفى عليه وسمع الله كلامها ، ونزل القرآن في ذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها وقال له : " أتعتق رقبة ، فقال : والله ما أملكها فقال : أتصوم شهرين متتابعين ، فقال : والله ما أقدر ، فقال له : أتطعم ستين مسكينا ، فقال : لا أجد إلا أن يعينني رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعونة وصلاة يريد الدعاء فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ، وقيل : بثلاثين صاعا ودعا له فكفر بالإطعام وأمسك زوجته " .