تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ} (13)

{ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ } أي : ضرره في الدنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها ، وأما في الآخرة فضرره محقق متيقن .

وقوله : { لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ } : قال مجاهد : يعني الوثن ، يعني : بئس هذا الذي دعا به من دون الله مولى ، يعني : وليًا وناصرًا ، { وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ } وهو المخالط والمعاشر .

واختار ابن جرير أن المراد : لبئس ابن العم والصاحب من يعبد [ الله ]{[20048]} على حرف ، { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ }

وقول مجاهد : إن المراد به الوثن ، أولى وأقرب إلى سياق الكلام ، والله أعلم .


[20048]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ} (13)

ثم كرر { يدعو } على جهة التوبيخ غير معدى إذ عدي أول الكلام ثم ابتدأ الإخبار بقوله { لمن ضره } واللام مؤذنة بمجيء القسم والثانية التي في { لبئس } لام القسم وإن كان أبو علي مال إلى أنها لام الابتداء والثانية لام اليمين ، ويظهر أيضاً في الآية أن يكون المراد يدعو من ضره ثم علق الفعل باللام وصح أن يقدر هذا الفعل من الأفعال التي تعلق وهي أفعال النفس كظننت وخشيت ، وأشار أبو علي إلى هذا ورد عليه ، و { العشير } القريب المعاشر في الأمور ، وذهب الطبري إلى أن المراد بالمولى والعشير هو الإنسان الذي يعبد الله على حرف ويدعو الأصنام ، والظاهر أن المراد ب { المولى } و { العشير } هو الوثن الذي ضره أقرب من نفعه ، وهو قول مجاهد والله أعلم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ} (13)

جملة في موضع حال ثانية ، ومضمونها ارتقاء في تضليل عابدي الأصنام . فبعد أن بيّن لهم أنهم يعبدون ما لا غناء لهم فيه زاد فبين أنهم يعبدون ما فيه ضر . فموضع الارتقاء هو مضمون جملة { ما لا يضره } [ الحج : 12 ] كأنه قيل : ما لا يضره بل ما ينجر له منه ضرّ . وذلك أن عبادة الأصنام تضرّه في الدنيا بالتوجه عند الاضطرار إليها فيضيع زمنه في تطلب ما لا يحصل وتضره في الآخرة بالإلقاء في النار .

ولما كان الضر الحاصل من الأصنام ليس ضراً ناشئاً عن فعلها بل هو ضر ملابس لها أثبت الضر بطريق الإضافة للضمير دون طريق الإسناد إذ قال تعالى : { لمن ضره أقرب من نفعه } ولم يقل : لمن يضر ولا ينفع ، لأن الإضافة أوسع من الإسناد فلم يحصل تناف بين قوله { ما لا يضره } [ الحج : 12 ] وقوله { لمن ضره أقرب من نفعه } .

وكونه أقرب من النفع كناية عن تمحّضه للضرّ وانتفاء النفع منه لأن الشيء الأقرب حاصل قبل البعيد فيقتضي أن لا يحصل معه إلاّ الضر .

واللام في قوله { لمَن } لام الابتداء ، وهي تفيد تأكيد مضمون الجملة الواقعة بعدها ، فلام الابتداء تفيد مفاد ( إنّ ) من التأكيد .

وقدمت من تأخير إذ حقها أن تدخل على صلة ( من الموصولة . والأصل : يدعو من لضَره أقرب من نفعه ) .

ويجوز أن تعتبر اللام داخلة على ( من ) الموصولة ويكون فعل { يدعو } معلقاً عن العمل لدخول لام الابتداء بناء على الحق من عدم اختصاص التعليق بأفعال القلوب .

وجملة { لبئس المولى ولبئس العشير } إنشاء ذم للأصنام التي يدعونها بأنها شر الموالي وشر العشراء لأن شأن المولى جلب النفع لمولاه ، وشأن العشير جلب الخير لعشيره فإذا تخلف ذلك منهما نادراً كان مذمة وغضاضة ، فأما أن يكون ذلك منه مطرداً فذلك شر الموالي .