الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ} (13)

ثم قال : { يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه } تقدير هذا الكلام عند الكسائي والبصريين{[46671]} : يدعو من لضره{[46672]} أقرب من نفعه . أي : يدعو إلها لضره أقرب من نفعه ، لأن من عبد الأصنام ، فضررها يعود عليه في الدنيا والآخرة ، ولا نفع يعود عليه من ذلك ، وإنما احتيج إلى تقدير تأخير اللام ، لأن ( يدعو ) فعل لا يعلق ، ولا بد أن يعمل ، واللام تمنع من العمل ، فأخرت{[46673]} اللام ليعمل الفعل في ( من ) ولا يعلق . وقيل{[46674]} : مع ( يدعو ) هاء مضمرة وهو في موضع حال من ذلك . والتقدير : ذلك هو الضلال البعيد يدعوه ، فيقف على ( يدعو ){[46675]} في{[46676]} هذا القول .

وتقديره : ذلك هو الضلال البعيد في حالة{[46677]} دعائه إياه . ويكون لمن ضره أقرب من نفعه مستأنفا مرفوعا بالابتداء ، وخبره : { لبيس المولى ولبيس العشير } .

وقيل{[46678]} : ( يدعو ) بمعنى يقول ، فلا يحتاج إلى عمل ، وتكون اللام في موضعها و( من ) مرفوعة بالابتداء ، والخبر محذوف{[46679]} . والتقدير : يقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهي .

وقيل{[46680]} : ( يدعو ) بمعنى : يسمى{[46681]} .

وقال الزجاج{[46682]} : ( ذلك ) بمعنى الذي . وهو في موضع نصب ب( يدعو ) أو التقدير : يدعو الذي هو الضلال البعيد . ثم ابتدأ : لمن ضره أقرب من نفعه . وخبره : ( لبئس المولى ) وهذا مثل قوله : ( وما تلك بيمينك ) . أي : وما التي بيمينك .

وقال الفراء{[46683]} : يجوز أن تكون ( يدعو ) مكررة تأكيدا ل( يدعو ) الأولى ، فيقف{[46684]} على ( يدعو ) على هذا ، ويبتدئ ( من ضره ) على الابتداء والخبر ( لَبِئْس المولى ) .

وحكي عن المبرد أنه قال : {[46685]} التقدير : يدعو{[46686]} لمن ضره أقرب من نفعه إلها . وهذا لا معنى له ، لأن ما بعد اللام{[46687]} مبتدأ ، فلا ينصب خبره ، فإن جعل الخبر ( لبيس المولى ) لم يكن للكلام معنى ويصير منقطعا بعضه من بعض .

وقوله : { لبيس المولى } أي : لبيس ابن العم ، ( ولبيس العشير ) أي : الخليط والصاحب . قاله ابن زيد{[46688]} .

وقيل{[46689]} : ( المولى ) : الولي{[46690]} الناصر .

وقال مجاهد{[46691]} : ( لبيس العشير ) يعني الوثن .

ولا يوقف على ( البعيد ) على قول الزجاج ، لأن ذلك منصوب ب( يدعو ){[46692]} .

وقد أفردنا لهذه الآية كتابا ، وشرحنا ما فيه بأبسط من هذا . ومعنى : ( لمن ضره أقرب من نفعه ) فأوجب أن عبادة الآلهة تضر ، وقد قال قبل ذلك : ( ما لا يضره وما لا ينفعه ) فنفى عنها{[46693]} الضر . فإنما يراد بذل أنها{[46694]} لا{[46695]} تضر في الدنيا ، وأراد{[46696]} بالآية الأخرى{[46697]} ضرها في الآخرة . والمعنى : لمن ضره في الآخرة أقرب من نفعه . والأخرى ما لا يضره في الدنيا . وكذلك معنى ما كان مثله .


[46671]:انظر: تفسير القرطبي 12/19 ومشكل الإعراب 2/487.
[46672]:ز: لمن ضره. (تحريف).
[46673]:ز: فأخذت. (تحريف).
[46674]:انظر: معاني الزجاج 3/415 ومجمع البيان 17/83.
[46675]:انظر: القطع للنحاس: 486.
[46676]:ز: على..
[46677]:ز: حال.
[46678]:القول للأخفش فيم عانيه 2/413.
[46679]:محذوف سقطت من ز.
[46680]:انظر: معاني الزجاج 3/416.
[46681]:ز: يسيء. (تحريف).
[46682]:انظر: معاني الزجاج 3/416.
[46683]:انظر: معاني الفراء 2/217-218.
[46684]:ز: فتقف.
[46685]:انظر: البيان في غريب إعراب القرآن 2/170.
[46686]:يدعو سقطت من ز.
[46687]:ز: بعده للام (تحريف).
[46688]:انظر: جامع البيان 17/125.
[46689]:انظر: جامع البيان 17/125 وهو أيضا قول ابن قتيبة في تفسير الغريب: 291.
[46690]:الولي سقطت من ز.
[46691]:انظر: جامع البيان 17/125 والقرطبي 12/20 وابن كثير 3/210.
[46692]:انظر: معاني الزجاج 3/416.
[46693]:ز: عنه.
[46694]:ز: لأنها.
[46695]:لا سقطت من ز.
[46696]:ز: فأراد.
[46697]:الأخرى سقطت من ز.