ثم قال : { يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه } تقدير هذا الكلام عند الكسائي والبصريين{[46671]} : يدعو من لضره{[46672]} أقرب من نفعه . أي : يدعو إلها لضره أقرب من نفعه ، لأن من عبد الأصنام ، فضررها يعود عليه في الدنيا والآخرة ، ولا نفع يعود عليه من ذلك ، وإنما احتيج إلى تقدير تأخير اللام ، لأن ( يدعو ) فعل لا يعلق ، ولا بد أن يعمل ، واللام تمنع من العمل ، فأخرت{[46673]} اللام ليعمل الفعل في ( من ) ولا يعلق . وقيل{[46674]} : مع ( يدعو ) هاء مضمرة وهو في موضع حال من ذلك . والتقدير : ذلك هو الضلال البعيد يدعوه ، فيقف على ( يدعو ){[46675]} في{[46676]} هذا القول .
وتقديره : ذلك هو الضلال البعيد في حالة{[46677]} دعائه إياه . ويكون لمن ضره أقرب من نفعه مستأنفا مرفوعا بالابتداء ، وخبره : { لبيس المولى ولبيس العشير } .
وقيل{[46678]} : ( يدعو ) بمعنى يقول ، فلا يحتاج إلى عمل ، وتكون اللام في موضعها و( من ) مرفوعة بالابتداء ، والخبر محذوف{[46679]} . والتقدير : يقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهي .
وقيل{[46680]} : ( يدعو ) بمعنى : يسمى{[46681]} .
وقال الزجاج{[46682]} : ( ذلك ) بمعنى الذي . وهو في موضع نصب ب( يدعو ) أو التقدير : يدعو الذي هو الضلال البعيد . ثم ابتدأ : لمن ضره أقرب من نفعه . وخبره : ( لبئس المولى ) وهذا مثل قوله : ( وما تلك بيمينك ) . أي : وما التي بيمينك .
وقال الفراء{[46683]} : يجوز أن تكون ( يدعو ) مكررة تأكيدا ل( يدعو ) الأولى ، فيقف{[46684]} على ( يدعو ) على هذا ، ويبتدئ ( من ضره ) على الابتداء والخبر ( لَبِئْس المولى ) .
وحكي عن المبرد أنه قال : {[46685]} التقدير : يدعو{[46686]} لمن ضره أقرب من نفعه إلها . وهذا لا معنى له ، لأن ما بعد اللام{[46687]} مبتدأ ، فلا ينصب خبره ، فإن جعل الخبر ( لبيس المولى ) لم يكن للكلام معنى ويصير منقطعا بعضه من بعض .
وقوله : { لبيس المولى } أي : لبيس ابن العم ، ( ولبيس العشير ) أي : الخليط والصاحب . قاله ابن زيد{[46688]} .
وقيل{[46689]} : ( المولى ) : الولي{[46690]} الناصر .
وقال مجاهد{[46691]} : ( لبيس العشير ) يعني الوثن .
ولا يوقف على ( البعيد ) على قول الزجاج ، لأن ذلك منصوب ب( يدعو ){[46692]} .
وقد أفردنا لهذه الآية كتابا ، وشرحنا ما فيه بأبسط من هذا . ومعنى : ( لمن ضره أقرب من نفعه ) فأوجب أن عبادة الآلهة تضر ، وقد قال قبل ذلك : ( ما لا يضره وما لا ينفعه ) فنفى عنها{[46693]} الضر . فإنما يراد بذل أنها{[46694]} لا{[46695]} تضر في الدنيا ، وأراد{[46696]} بالآية الأخرى{[46697]} ضرها في الآخرة . والمعنى : لمن ضره في الآخرة أقرب من نفعه . والأخرى ما لا يضره في الدنيا . وكذلك معنى ما كان مثله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.