{ يَدْعُو لمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَفْعِهِ } يدعو بمعنى : يقول ، والجملة مقرّرة لما قبلها من كون ذلك الدعاء ضلالاً بعيداً . والأصنام لا نفع فيها بحال من الأحوال ، بل هي ضرر بحت لمن يعبدها ، لأنه دخل النار بسبب عبادتها . وإيراد صيغة التفضيل مع عدم النفع بالمرّة للمبالغة في تقبيح حال ذلك الداعي ، أو ذلك من باب { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضلال مُّبِينٍ } [ سبأ : 24 ] واللام هي : الموطئة للقسم ، ( ومن ) موصولة أو موصوفة ، و{ ضرّه } مبتدأ خبره ( أقرب ) ، والجملة صلة الموصول . وجملة : { لَبِئْسَ المولى وَلَبِئْسَ العشير } جواب القسم . والمعنى : أنه يقول ذلك الكافر يوم القيامة لمعبوده الذي ضرّه أقرب من نفعه : لبئس المولى ولبئس العشير . والمولى الناصر ، والعشير : الصاحب ، ومثل ما في هذه الآية قول عنترة :
يدعون عنتر والرماح كأنها *** أشطان بئر في لبان الأدهم
وقال الزجاج : يجوز أن يكون { يدعو } في موضع الحال ، وفيه هاء محذوفة ، أي ذلك هو الضلال البعيد يدعوه ، وعلى هذا يوقف على { يدعو } ، ويكون قوله : { لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَفْعِهِ } كلاماً مستأنفاً مرفوعاً بالابتداء ، وخبره { لبئس المولى } . قال : وهذا لأن اللام لليمين والتوكيد فجعلها أوّل الكلام . وقال الزجاج والفراء : يجوز أن يكون { يدعو } مكررة على ما قبلها على جهة تكثير هذا الفعل الذي هو الدعاء ، أي يدعو ما لا يضرّه ولا ينفعه يدعو ، مثل ضربت زيداً ضربت . وقال الفراء والكسائي والزجاج : معنى الكلام القسم ، واللام مقدّمة على موضعها ، والتقدير : يدعو من لضرّه أقرب من نفعه ، فمن في موضع نصب ب{ يدعو } ، واللام جواب القسم و{ ضرّه } مبتدأ ، و{ أقرب } خبره ، ومن التصرف في اللام بالتقديم والتأخير قول الشاعر :
خالي لأنت ومن جرير خاله *** ينل العلاء ويكرم الأخوالا
أي لخالي أنت . قال النحاس : وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال : في الكلام حذف ، والمعنى : يدعو لمن ضرّه أقرب من نفعه إلها . قال النحاس : وأحسب هذا القول غلطاً عن محمد بن يزيد ، ولعل وجهه أن ما قبل اللام هذه لا يعمل فيما بعدها . وقال الفراء أيضاً والقفال اللام صلة ، أي زائدة ، والمعنى : يدعو من ضرّه أقرب من نفعه ، أي يعبده ، وهكذا في قراءة عبد الله بن مسعود بحذف اللام ، وتكون اللام في : { لبئس المولى } وفي : { لبئس العشير } على هذا موطئة للقسم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.