تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

فاحتج{[17865]} تعالى عليهم ، ونبههم على قدرته على ذلك ، بأنه خلق السماوات والأرض ، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك كما قال : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } [ غافر : 57 ] وقال { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الأحقاف : 33 ] وقال { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ يس : 81 ، 83 ] .

وقال هاهنا : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) أي : يوم القيامة يعيد أبدانهم وينشئهم نشأة أخرى ، ويعيدهم كما بدأهم .

وقوله : ( وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلا لا رَيْبَ فِيهِ ) أي : جعل لإعادتهم وإقامتهم من قبورهم أجلا مضروبًا ومدة مقدرة لا بد من انقضائها ، كما قال تعالى : { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ } [ هود : 104 ] .

وقوله : ( فَأَبَى الظَّالِمُونَ ) أي : بعد قيام الحجة عليهم ( إِلا كُفُورًا ) إلا تماديًا في باطلهم وضلالهم .


[17865]:في ف: "واحتج".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

هذه الآية احتجاج عليهم فيما استبعدوه من العبث ، وذلك أنهم قرروا على خلق الله تعالى واختراعه لهذه الجملة التي البشر جزء منها ، فهم لا ينكرون ذلك ، فكيف يصح لهم أن يقروا بخلقه للكل وإخراجه من خمول العدم وينكرون إعادته للبعض ؟ فحصل الأمر في حيز الجواز ، وأخبر الصادق الذي قامت دلائل معجزاته بوقوع ذلك الجائز ، و «الرؤية » في هذه الآية رؤية القلب ، و «الأجل » هنا يحتمل أن يريد به القيامة ويحتمل أن يريد أجل الموت ، و «الأجل » على هذا التأويل اسم جنس لأنه وضعه موضع الآجال ، ومقصد هذا الكلام بيان قدرة الله عز وجل وملكه لخلقه ، وبتقرير ذلك يقوى جواز بعثه لهم حين يشاء لا إله إلا هو ، وقوله { فأبى } عبارة عن تكسبهم وجنوحهم ، وقد مضى تفسير هذه الآيات آنفاً ،