تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

الاية99 : وقوله تعالى : { أولم يروا }أي أو لم يعتبروا ، أو لم ينظروا { أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم } هذا الاعتبار يحتمل وجهين :

أحدهما : إنكم تُقرون أن الله هم خالق السماوات والأرض ( وخالقكم ، فخلق السماوات والأرض ){[11267]} على الابتداء ، وخلق سائر الخلائق على الابتداء بلا احتداء تقدم ، وسبق ، أعظم وأكبر ممن هو دونه . فمن قدر على إنشاء ذلك فهو على إنشاء أمثالكم وإعادتكم أقدر . وإعادة الشيء في عقولكم أهون وأيسر من ابتدائه .

والثاني : تعلمون أنه خلق السماوات والأرض ، وخلقكم أيضا ، فلم يخلقهما للفناء خاصة ؛ إذ خلق الشيء للفناء خاصة لا لعاقبة عبث ولعب ، فدل أنه خلقكم ، وخلق السماوات والأرض لعاقبة ، وهي العبث .

وعلى ذلك يخرج قوله : { وجعل لهم أجلا لا ريب فيه }أنه كائن لا محالة .

وجائز أن يكون قوله : { وجعل لهم أجلا لا ريب فيه }جوابا لما استعجلوا من العذاب فقال : { وجعل لهم أجلا }لا يتقدم عنه ، ولا يتأخر ، أو أن يكون قوله : { وجعل لهم أجلا لا ريب فيه } الموت الذي به تنقضي آجالهم . لكنه{[11268]} لم يخلقهم للموت خاصة ، ولكن للعاقبة كما ذكرنا .

وقال القتبي : { خبت } أي سكنت ( يقال : خبت ){[11269]} إذا سكن لهَبُهَا ( وتخبوا فإذا سكن لهبها ){[11270]} ولم يُطْفَأ الجمر قلت : خمدت تخمد خمودا . فإذا طفئت ، ولم يبق منها شيء ، قيل : هَمَدَتْ تَهْمُدُ هُمُودًا ، وقوله تعالى : { زدناهم سعيرا }أي نارا تتسعر ، أي تتلهب .

وقال أبو عوسجة : السعير النار يقال : سعرت النار إذا أوقدتها ، نار مسعورة أي موقودة .

وقوله تعالى : { فأبى الظالمون إلا كفورا }أي كفرا بالبعث . الظالمون ههنا ، هم الكافرون( ولو قال : فأبى الكافرون ){[11271]} إلا ظلما {[11272]} كان واحدا .


[11267]:من م، ساقطة من الأصل.
[11268]:في الأصل و.م: لكنهم.
[11269]:ساقطة من.م.
[11270]:من م، ساقطة من الأصل.
[11271]:في الأصل و.م: ظلموا ما.
[11272]:في الأصل و.م: وقال.