مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

قوله تعالى :{ وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا }

اعلم أنه تعالى لما أجاب عن شبهات منكري النبوة عاد إلى حكاية شبهة منكري الحشر والنشر ليجيب عنها وتلك الشبهة هي أن الإنسان بعد أن يصير رفاتا ورميما يبعد أن يعود هو بعينه وأجاب الله تعالى عنه بأن من قدر على خلق السماوات والأرض لم يبعد أن يقدر على إعادتهم بأعيانهم وفي قوله : { قادر على أن يخلق مثلهم } قولان : الأول : المعنى قادر على أن يخلقهم ثانيا فعبر عن خلقهم ثانيا بلفظ المثل كما يقول المتكلمون أن الإعادة مثل الابتداء . القول الثاني : المراد قادر على أن يخلق عبيدا آخرين يوحدونه ويقرون بكمال حكمته وقدرته ويتركون ذكر هذه الشبهات الفاسدة وعلى هذا التفسير فهو كقوله تعالى : { ويأت بخلق جديد } وقوله : { ويستبدل قوما غيركم } قال الواحدي والقول هو الأول لأنه أشبه بما قبله ولما بين الله تعالى بالدليل المذكور أن البعث والقيامة أمر ممكن الوجود في نفسه أردفه بأن لوقوعه ودخوله في الوجود وقتا معلوما عند الله وهو قوله : { وجعل لهم أجلا لا ريب فيه } ثم قال تعالى : { فأبى الظالمون إلا كفورا } أي بعد هذه الدلائل الظاهرة أبوا إلا الكفر والنفور والجحود .