فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

فجاء سبحانه بحجة تدفعهم عن الإنكار وتردّهم عن الجحود ، فقال : { أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض *قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي : من هو قادر على خلق هذا ، فهو على إعادة ما هو أدون منه أقدر ، وقيل : المراد أنه قادر على إفنائهم وإيجاد غيرهم ، وعلى القول الأوّل يكون الخلق بمعنى الإعادة ، وعلى هذا القول هو على حقيقته ، وجملة : { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ } عطف على { أَوَلَمْ يَرَوْا } ، والمعنى : قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السماوات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم ، لأنهم ليسوا بأشدّ خلقاً منهنّ كما قال : { أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء } [ النازعات : 27 ] . { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } وهو الموت أو القيامة ، ويحتمل أن تكون الواو للاستئناف ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، أي : أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم { فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُورًا } أي : أبى المشركون إلاّ جحوداً ، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر للحكم عليهم بالظلم ومجاوزة الحدّ . ثم لما وقع من هؤلاء الكفار طلب إجراء الأنهار والعيون في أراضيهم لتتسع معايشهم .

/خ100