فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا ( 99 ) } .

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي من هو قادر على خلقها في عظمها وشدتها على إعادة ما هو أدون منه في الصغر والضعف أقدر ، وقيل المراد أنه قادر على إفنائهم وإيجاد غيرهم من الأنس قال الكرخي : أراد بمثلهم إياهم فعبر عن خلقهم بلفظ المثل كقول المتكلمين الإعادة مثل الابتداء وذلك أن مثل الشيء مساو له في حاله فجاز أن يعبر عن الشيء نفسه .

يقال مثلك لا يفعل كذا أي أنت لا تفعله ، أو أنه تعالى قادر على أن يخلق عبيدا يوحدون ويقرون بكمال حكمته وقدرته ، ويتركون هذه الشبهات الفاسدة وعلى هذا فهو كقوله : { يأت بخلق } { ويستبدل قوما غيركم } وعلى القول الأول يكون الخلق بمعنى الإعادة وعلى هذا القول هو على حقيقته ، والمعنى قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم لأنهم ليسوا بأشد خلقا منها كما قال أأنتم أشد خلقا أم السماء . قال الواحدي : والأول أشبه .

{ وَجَعَلَ لَهُمْ } أي لبعثهم { أَجَلاً } أي وقتا محققا لعذابهم { لاَّ رَيْبَ } أي غير مرتاب { فِيهِ } وهو الموت أو القيامة ، ويحتمل أن يكون الواو للاستئناف . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، أي أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض وجعل لهم أجلا لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم { فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا } أي أبى المشركون إلا جحودا للأجل وعنادا مع وضوح الدليل .

وفيه وضع الظاهر موضع المضمر للحكم عليهم بالظلم ومجاوزة الحد .