اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا} (99)

وفي قوله : { قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } قولان :

الأول : [ معناه ] قادر على أن يخلقهم ثانياً ، فعبَّر عن خلقهم بلفظ " المثل " ؛ كقول المتكلِّمين : إنَّ الإعادة مثل الابتداء .

والثاني : قادر على أن يخلق عبيداً آخرين يوحِّدونه ، ويقرُّون بكمال حكمته وقدرته ، ويتركون هذه الشبهات الفاسدة ؛ وعلى هذا ، فهو كقوله تعالى : { وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } [ إبراهيم : 19 ] وقوله : { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } [ التوبة : 39 ] .

قال الواحديُّ{[20723]} : والأول أشبه بما قبله .

ولمَّا بيَّن الله تعالى بالدَّليل المذكور : أنَّ البعث يمكنُ الوجود في نفسه ، أردفه بأنَّ لوقوعه ودخوله في الوجود وقتاً معلوماً عند الله تعالى ؛ وهو قوله : { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي : جعل لهم وقتاً لا ريب فيه ، { فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُوراً } أي بعد هذه الدلائل الظاهرة : { فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُوراً } أي : الظالمون إلا الكفر والجحود .

قوله : { وَجَعَلَ لَهُمْ } : معطوف على قوله " أو لَمْ يَروْا " ؛ لأنه في قوة : قد رأوا ، فليس داخلاً في حيِّز الإنكار ، بل معطوفاً على جملته برأسها .

وقوله : { لاَّ رَيْبَ فِيهِ } صفة ل " أجلاً " ، أي : أجلاً غير مرتابٍ فيه ، فإن أريد به يوم القيامة ، فالإفرادُ واضحٌ ، وإن أريد به الموت ، فهو اسم جنسٍ ؛ إذ لكلِّ إنسانٍ أجلٌ يخصه .

وقوله : { إَلاَّ كُفُوراً } قد تقدَّم .


[20723]:ينظر: الفخر الرازي 21/52.