تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة ، وحالهم حين عاينوا البعث ، وقاموا بين يدي الله حقيرين ذليلين ، ناكسي رؤوسهم ، أي : من الحياء والخجل ، يقولون : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } {[23075]} أي : نحن الآن نسمع قولك ونطيع أمرك ، كما قال تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] . وكذلك يعودون على أنفسهم بالملامة إذا {[23076]} دخلوا النار بقولهم : { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ الملك : 10 ] . وهكذا هؤلاء يقولون : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا } أي : إلى الدار الدنيا ، { نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } أي : قد أيقنا وتحققنا أن وعدك حق ولقاءك حق ، وقد علم الرب تعالى منهم أنه لو أعادهم إلى الدار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفارا يكذبون آيات{[23077]} الله ويخالفون رسله ، كما قال : { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [ الأنعام : 27 - 29 ] . وقال هاهنا { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا }


[23075]:- بعدها في ف، أ: "فارجعنا نعمل صالحا".
[23076]:- في ت: "إذ".
[23077]:- في ت، ف: "بآيات".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

{ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم } من الحياء والخزي . { ربنا } قائلين ربنا . { أبصرنا } ما وعدتنا . { وسمعنا } منك تصديق رسلك . { فارجعنا } إلى الدنيا . { نعمل صالحا إنا موقنون } إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا ، وجواب { لو } محذوف تقديره لرأيت أمرا فظيعا ، ويجوز أن تكون للتمني والمضي فيها وفي { إذ } لأن الثابت في علم الله بمنزلة الواقع ، ولا يقدر ل { ترى } مفعول لأن المعنى لو يكون منك رؤية في هذا الوقت ، أو يقدر ما دل عليه صلة إذا والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

قوله تعالى : { لو ترى } تعجيب لمحمد وأمته من حال الكفرة وما حل بهم ، وجواب { لو } محذوف لأن حذفه أهول إذ يترك الإنسان فيه مع أقصى تخيله ، و { المجرمون } هم الكافرون بدليل التوعد بالنار وبدليل قولهم { إنا موقنون } أي أنهم كانوا في الدنيا غير موقنين ، وتنكيس الرؤوس هو من الذل واليأس والهم بحلول العذاب وتعلق نفوسهم بالرجعة إلى الدنيا ، وفي القول محذوف تقديره يقولون { ربنا } وقولهم { أبصرنا وسمعنا } أي ما كنا نخبر به في الدنيا فكنا مكذبين به ، ثم طلبوا الرجعة حين لا ينفع ذلك .