{ وَلَوْ تَرَى } لو امتناعية وجوابه محذوف ، أي لرأيت أمرا فظيعا ، وهولا هائلا ، لا يقدر قدره ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . قال الزجاج والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبة لأمته ، فالمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب ، أو الخطاب لكل أحد ممن يصلح له كائنا من كان ، إذ المراد بيان كمال سوء حالهم ، وبلوغها من الفظاعة إلى حيث لا يختص استغرابها واستعظامها براء دون راء ، ممن اعتاد مشاهدة الأمور البديعة ، والدواهي الفظيعة ، بل كل من تتأتى منه الرؤية يتعجب من هولها وفظاعتها ، ويجوز أن يكون { لو } للتمني ، والمضي فيها وفي { إِذِ } لأن الثابت في علم الله بمنزلة الواقع .
{ إذ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ } المراد بهم هم القائلون : أئذا ضللنا في الأرض ، ويجوز أن يراد بالمجرمين كل مجرم ، ويدخل فيه أولئك القائلون دخولا أوليا ، والمعنى : مطأطئوها وخافضوها حياء وندما على ما فرط منهم في الدنيا من الشرك بالله ، والعصيان له .
{ عِندَ رَبِّهِمْ } أي عند محاسبته لهم { رَبَّنَا } أي : يقولون ربنا { أَبْصَرْنَا } الآن ما كنا نكذب به { وَسَمِعْنَا } ما كنا ننكره ، وقيل أبصرنا صدق وعيدك ، وسمعنا تصديق رسلك ؛ فهؤلاء أبصروا حين لم ينفعهم البصر ، وسمعوا حين لم ينفعهم السمع .
{ فَارْجِعْنَا } إلى الدنيا { نَعْمَلْ } عملا { صَالِحًا } كما أمرتنا ، وحسبما تقتضيه تلك الآيات { إِنَّا مُوقِنُونَ } أي مصدقون ، وقيل مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وصفوا أنفسهم بالإيقان الآن طمعا فيما طلبوه من إرجاعهم إلى الدنيا وأنى لهم ذلك ؟ فقد حقت عليهم كلمة الله فإنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ، وإنهم لكاذبون . وقيل : هذا ادعاء منهم لصحة الأفئدة ، والاقتداء على فهم معاني الآيات ، والعمل بموجبها ، كما أن قبله ادعاء لصحة صفتي البصر والسمع ، كأنهم قالوا أيقنا وكنا من قبل لا نعقل شيئا أصلا ، وإنما عدلوا إلى الجملة الاسمية المؤكدة إظهارا لثباتهم على الإيقان ، وكمال رغبتهم فيه ، وكل ذلك للجد في الاستدعاء طمعا في الإجابة إلى ما سألوه من الرجعة ، وقيل معنى إنا موقنون ، أنها قد زالت عنهم الشكوك التي كانت تخالطهم في الدنيا ، لما رأوا ما رأوا وسمعوا ما سمعوا . قيل والمعنى صرنا نسمع ونبصر ، فلا يحتاج إلى تقدير مفعول ، ثم رد الله عليهم لما طلبوا الرجعة بقوله :
{ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 13 )
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.