قوله : { وَلَوْ تَرَى } في «لو » هذه وجهان :
أحدهما : أنها لِمَا كان سَيَقَعُ لوقوعه غيره . وعبَّر{[42804]} عنها الزمخشري بامتناعٍ لامْتِنَاع{[42805]} ، وناقشه أبو حيان في ذلك . وقد تقدم تحقيقه أول البقرة{[42806]} ، وعلى هذا جوابها محذوف أي لرأيت أمر فظيعاً{[42807]} .
والثاني : أنها للتمني . قال الزمخشري كأنه قيل : وليتك{[42808]} ترى . وفيها إذا كانت للتمنِّي خلافٌ على تقتضي جواباً أم لا{[42809]} ، وظاهر تقدير الزمخشري هنا أنه لا جواب لها .
قال أبو حيان : والصحيح أن لها جواباً{[42810]} وأنشد :
4065- فَلوْ نُبِشَ المِقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ *** فَيُخْبِرَ بالذَّنَائِبِ أَيُّ زِيرِ
بِيَوْمِ الشَّعْثَمَيْنِ لقَرَّ عيْناً *** وَكَيْْفَ لِقَاءُ مَنْ تَحْتَ القُبُورِ{[42811]}
قال الزمخشري : ولو تجيء في معنى التمني كقولك : «لو تأتيني فتحدثني » ( كما تقول ){[42812]} : «لَيْتَكَ تَأتِيني فَتُحَدِّثَنِي »{[42813]} قال ابن مالك : أن أراد به الحذف أي وَدِدْتُ لو تأتيني{[42814]} فتحدثني فصحِيح وإن أراد أنها موضوعة له فليس بصحيح ، إل لو كانت موضوعة له لم يجمع بينها وبينه كما لم يجمع بين «ليت » والتمني ، ولا «لعل وأترجّى » ، ولا «إلا » وأستثني ، ويجوز أن يجمع بين «لو » وأتمنى تقول ( تَمَنَّيتُ{[42815]} لَوْ فَعَلْتُ كذا ) ، والمخاطب يحتمل أن يكون - النبي صلى الله عليه وسلم - شفاء لصدره ، فإنهم{[42816]} كانوا يؤذونه بالتكذيب ، ويحتمل أن يكون عاماً ، و «إذْ » على بابها من المضي ؛ لأن «لو »{[42817]} تصرف المضارع للمضي ، وإنما جيء هنا ماضياً لتحقق وقوعه نحو : { أتى أَمْرُ الله } [ النحل : 1 ] . وجعله أبو البقاء{[42818]} مما وقع فيه «إذ » مَوْقع «إذَا » . ولا حاجة إليه . والمراد بالمجرمين المشركين .
قوله : «نَاكِسُوا » العامة على أنه اسم فاعل مضاف لمفعوله تخفيفاً ، وزيدُ بن علي «نَكِسُوا »{[42819]} فعلاً ماضياً «رُؤُوسَهُمْ » مفعول به ، والمعنى مُطَأطِئُو رُؤُوسِهِمْ .
قوله : «رَبَّنا » على إضمار القول ، وهو حال أي قائلينَ ذلك ، وقدره الزمخشري يَسْتَغيثُونَ{[42820]} بقولهم ، وإضمار القول{[42821]} أكْثَرُ{[42822]} .
قوله : «أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا » يجوز أن يكون المفعول مقدراً أي أبصرنا ما كنّا نكذب وسمعنا ما كنا ننكر . ويجوز أن لا يقدر أي صِرْنَا بُصَرَاءَ سَمِيعِينَ فارْجِعْنَا «( إلى الدنيا ) نَعْمَل صِالِحاً » يجوز أن يكون «صالحاً » مفعولاً به ، وأن يكون نعت مصدر ، وقولهم : «إنَّا مُوقِنُونَ » أي إنا آمنا في الحال ، ويحتمل أن يكون المراد أنهم ينكرون الشرك كقولهم : { والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.