السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

ولما تقرر دليل البعث بما لا خفاء فيه ولا لبس شرع في بعض أحواله بقوله تعالى : { ولو ترى } أي : تبصر { إذ المجرمون } أي : الكافرون { ناكسوا رؤوسهم } أي : مطأطؤها خوفاً وخجلاً وحزناً وذلاً { عند ربهم } المحسن إليهم المتوحد بتدبيرهم قائلين بغاية الذل والرقة { ربنا } أي : المحسن إلينا { أبصرنا } أي : ما كنا نكذب به { وسمعنا } منك تصديق الرسل فيما كذبناهم فيه { فارجعنا } بما لك من هذه الصفة المقتضية للإحسان إلى الدنيا دار العمل { نعمل صالحاً } فيها { إنا موقنون } أي : ثابت لنا الآن الإيقان بجميع ما أخبرنا به عنك . فلا ينفعهم ذلك ولا يرجعون ، وجواب لو محذوف تقديره : لرأيت أمراً فظيعاً ، والمخاطب يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم شفاء لصدره ، فإنهم كانوا يؤذونه بالتكذيب ، ويحتمل أن يكون عاماً . وإذ على بابها من المضي لأن لو تصرف المضارع للمضي ، وإنما جيء هنا ماضياً لتحقيق وقوعه نحو { أتى أمر الله } ( النحل : 1 ) وجعله أبو البقاء مما وقع فيه إذ موقع إذا ولا حاجة إليه .