تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وقوله : { قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ } أي : لعن أصحاب الأخدود ، وجمعه : أخاديد ، وهي الحفر في الأرض ، وهذا خبر عن قوم من الكفار عَمَدوا إلى من عندهم من المؤمنين بالله ، عز وجل ، فقهروهم وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم ، فأبوا عليهم ، فحفروا لهم في الأرض أخدُودًا وأججوا فيه نار ، وأعدوا لها وقودًا يسعرونها به ، ثم أرادوهم فلم يقبلوا منهم ، فقذفوهم فيها ؛

ولهذا قال تعالى : { قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } أي : مشاهدون لما يفعل بأولئك المؤمنين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

قتل أصحاب الأخدود قيل إنه جواب القسم على تقدير لقد قتل والأظهر أنه دليل جواب محذوف كأنه قيل إنهم ملعونون يعني كفار مكة لعن أصحاب الأخدود فإن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم وتذكيرهم بما جرى على من قبلهم والأخدود الخد وهو الشق في الأرض ونحوهما بناء ومعنى الحق والأحقوق روي مرفوعا أن ملكا كان له ساحرا فلما كبر ضم إليه غلاما ليعلمه وكان في طريقه راهب فمال قلبه إليه فرأى في طريقه ذات يوم حية قد حبست الناس فأخذ حجرا وقال اللهم إن كان الراهب أحب إليه من الساحر فاقتلها فقتلها وكان الغلام بعد يبرىء الأكمه والأبرص ويشفي من الأدواء وعمي جليس الملك فأبرأه فسأله الملك عمن أبرأه فقال ربي فغضب فعذبه فدل على الغلام فعذبه فدل على الراهب فقده بالمنشار وأرسل الغلام إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا فرجف بالقوم فهلكوا ونجا وأجلسه في سفينة ليغرق فدعا فانكفأت السفينة بمن معه فغرقوا ونجا فقال للملك لست بقاتلي حتى تجمع الناس وتصلبني وتأخذ سهما من كنانتي وتقول بسم الله رب هذا الغلام ثم ترميني به فرماه فوقع في صدغه فمات فآمن الناس برب الغلام فأمر بأخاديد وأوقدت فيها النيران فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست فقال الصبي يا أماه اصبري فإنك على الحق فاقتحمت وعن علي رضي الله تعالى عنه كان بعض ملوك المجوس خطب الناس وقال إن الله أحل نكاح الأخوات فلم يقبلوه فأمر بأخاديد النار فطرح فيها من أبى وقيل لما تنصر نجران غزاهم ذو نواس اليهودي من حمير فأحرق في الأخاديد من لم يرتد .