تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا} (87)

وقوله : { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } إخبار بتوحيده وتفرده بالإلهية لجميع المخلوقات ، وتضمَّن قسما ، لقوله : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ } وهذه اللام موطئة للقسم ، فقوله : { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } خبر وقَسَم أنه سيجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد فيجازي كل عامل بعمله .

وقوله تعالى : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا } أي : لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره ، ووعده ووعيده ، فلا إله إلا هو ، ولا رب سواه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا} (87)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ اللّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنّكُمْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً } . .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { اللّهُ لا إلَهَ إلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنّكُمْ } المعبود الذي لا تنبغي العبودة إلا له هو ، الذي له عبادة كل شيء وطاعة كل طائع . وقوله : { لَيَجَمَعَنّكُمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ } يقول : ليبعثنكم من بعد مماتكم ، وليحشرنكم جميعا إلى موقف الحساب الذي يجازي الناس فيه بأعمالهم ، ويقضي فيه بين أهل طاعته ومعصيته وأهل الإيمان به والكفر . { لا رَيْبَ فِيهِ } يقول : لا شكّ في حقيقة ما أقول لكم من ذلك وأخبركم من خبري : أنّي جامعكم إلى يوم القيامة بعد مماتكم . { وَمَنْ أصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثا } يعني بذلك : واعلموا حقيقة ما أخبركم من الخبر ، فإني جامعكم إلى يوم القيامة للجزاء والعرض والحساب والثواب والعقاب يقينا ، فلا تشكوا في صحته ، ولا تمتروا في حقيته ، فإن قولي الصدق الذي لا كذب فيه ، ووعدى الصدق الذي لا خلف له . { وَمَنْ أصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثا } يقول : وأيّ ناطق أصدق من الله حديثا ؟ وذلك أن الكاذب إنما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعا أو يدفع به عنها ضرّا ، والله تعالى ذكره خالق الضرّ والنفع ، فغير جائز أن يكون منه كذب ، لأنه لا يدعوه إلى اجتلاب نفع إلى نفسه ، أو دفع ضرّ عنها سواه تعالى ذكره ، فيجوز أن يكون له في استحالة الكذب منه نظيرا ، ومن أصدق من الله حديثا وخبرا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا} (87)

لما تقدم الإنذار والتحذير الذي تضمنه قوله تعالى { إن الله كان على كل شيء حسيباً } [ النساء : 86 ] تلاه مقوياً له الإعلام بصفة الربوبية ، وحال الوحدانية ، والإعلام بالحشر ، والبعث من القبور ، للثواب ، والعقاب ، إعلاماً بقسم ، والمقسم به تقديره وهو : أو وحقه ، أو وعظمته ، { ليجمعنكم } والجمع هنا بمعنى الحشر ، فلذلك حسنت بعده { إلى } أي : إليه السوق والحشر ، و { القيامة } : أصلها القيام ، ولما كان قيام الحشر من أذل الحال وأضعفها إلى أشد الأهوال وأعظمها لحقته هاء المبالغة{[4179]} .

و{ لا ريب فيه } تبرئة هي وما بعدها بمثابة الابتداء تطلب الخبر ، ومعناه : لا ريب فيه في نفسه وحقيقة أمره ، وإن ارتاب فيه الكفرة فغير ضائر ، { ومن أصدق من الله حديثاً } ؟ ظاهره الاستفهام ومعناه تقرير الخبر ، تقديره : لا أحد أصدق من الله تعالى ، لأن دخول الكذب في حديث البشر إنما علته الخوف والرجاء ، أو سوء السجية ، وهذه منفية في حق الله تعالى وتقدست أسماؤه ، والصدق في حقيقته أن يكون ما يجري على لسان المخبر موافقاً لما في قلبه ، وللأمر المخبر عنه في وجوده ، و { حديثاً } نصب على التمييز .


[4179]:- أصل القيامة: الواو- وسمي يوم القيامة بذلك لأن الناس يقومون فيه لله عز وجل، قال تعالى: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين}.