الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا} (87)

{ لاَ إله إِلاَّ هُوَ } إما خبر المبتدأ . وإما اعتراض والخبر { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } . ومعناه : الله . والله ليجمعنكم { إلى يَوْمِ القيامة } أي ليحشرنكم إليه . والقيامة والقيام . كالطلابة والطلاب ، وهي قيامهم من القبور أو قيامهم للحساب . قال الله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين } [ المطففين : 6 ] { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثاً } لأنه عز وعلا صادق لا يجوز عليه الكذب . وذلك أنّ الكذب مستقل بصارف عن الإقدام عليه وهو قبحه . ووجه قبحه الذي هو كونه كذباً وإخباراً عن الشيء بخلاف ما هو عليه . فمن كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يكذب ليجرّ منفعة أو يدفع مضرة . أو هو غني عنه إلا أنه يجهل غناه . أو هو جاهل بقبحه . أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في إخباره ولا يبالي بأيهما نطق ، وربما كان الكذب أحلى على حنكه من الصدق . وعن بعض السفهاء أنه عوتب على الكذب فقال : لو غرغرت لهواتك به ما فارقته . وقيل لكذاب : هل صدقت قط ؟ فقال : لولا أني صادق في قولي لا لقلتها . فكان الحكيم الغني الذي لا يجوز عليه الحاجات العالم بكل معلوم ، منزهاً عنه ، كما هو منزه عن سائر القبائح .