تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ، ومن عصى الأمير فقد عصاني " .

وهذا الحديث ثابت في الصحيحين ، عن الأعمش به{[7923]}

وقوله : { وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا }{[7924]} أي : لا عليك منه ، إن عليك إلا البلاغ فمن تَبِعك سَعِد ونجا ، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له ، ومن تولى عنك خاب وخسر ، وليس عليك من أمره شيء ، كما جاء في الحديث : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه " {[7925]}


[7923]:رواه البخاري برقم (7137) ومسلم برقم (1835) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
[7924]:في ر: "فمن".
[7925]:رواه مسلم في صحيحه برقم (87) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ مّنْ يُطِعِ الرّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلّىَ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } . .

وهذا إعذار من الله إلى خلقه في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى ذكره لهم : من يطع منكم أيها الناس محمدا ، فقد أطاعني بطاعته إياه ، فاسمعوا قوله ، وأطيعوا أمره ، فإنه مهما يأمركم به من شيء فمن أمري يأمركم ، وما نهاكم عنه من شيء فمن نهيي ، فلا يقولن أحدكم : إنما محمد بشر مثلنا يريد أن يتفضل علينا ! ثم قال جل ثناؤه لنبيه : ومن تولى عن طاعتك يا محمد ، فأعرض عنه ، فإنا لم نرسلك عليهم حفيظا ، يعني حافظا لما يعملون محاسبا ، بل إنما أرسلناك لتبين لهم ما نزل إليهم ، وكفى بنا حافظين لأعمالهم ولهم عليها محاسبين . ونزلت هذه الاَية فيما ذكر قبل أن يؤمر بالجهاد . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سألت ابن زيد عن قول الله : { فَمَا أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظا } قال : هذا أول ما بعثه ، قال : { إنْ عَلَيْكَ إلاّ البَلاغُ } ، قال : ثم جاء بعد هذا يأمره بجهادهم والغلظة حتى يسلموا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

والمعنى أن الرسول إنما يأمر وينهى بياناً من الله وتبليغاً ، فإنما هي أوامر الله ونواهيه ، وقالت فرقة سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أحبني فقد أحب الله » فاعترضت اليهود عليه في هذه المقالة ، وقالوا : هذا محمد يأمر بعبادة الله وحده ، وهو في هذا القول مدّع للربوبية ، فنزلت هذه الآية تصديقاً للرسول عليه السلام ، وتبييناً لصورة التعلق بينه وبين فضل الله تعالى ، و { تولى } معناه أعرض ، وأصل { تولى } في المعنى أن يتعدى بحرف ، فنقول تولى فلان عن الإيمان ، وتولى إلى الإيمان لأن اللفظة تتضمن إقبالاً وإدباراً ، لكن الاستعمال غلب عليها في كلام العرب على الإعراض والإدبار ، حتى استغني فيها عن ذكر الحرف الذي يتضمنه ، و { حفيظاً } يحتمل معنيين ، أي ليحفظهم حتى لا يقعوا في الكفر والمعاصي ونحوه ، أو ليحفظ مساوئهم وذنوبهم ويحسبها عليهم ، وهذه الآية تقتضي الإعراض عن من تولى والترك له ، وهي قبل نزول القتال وإنما كانت توطئة ورفقاً من الله تعالى حتى يستحكم أمر الإسلام .