تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ثم قال تعالى منكرا عليهم في قولهم في الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ } أي : قوارع الدهر . والمنون : الموت : يقولون : ننظره ونصبر عليه حتى يأتيه الموت فنستريح منه ومن شأنه ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

وقوله : أمْ يَقُولُونَ شاعِر نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ يقول جلّ ثناؤه : بل يقول المشركون : يا محمد لك : هو شاعر نتربص به حوادث الدهر ، يكفيناه بموت أو حادثة متلفة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت عباراتهم عنه ، فقال بعضهم فيه كالذي قلنا . وقال بعضهم : هو الموت . ذكر من قال : عنى بقوله : رَيْبَ المَنُونِ : حوادث الدهر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : رَيْبَ المَنُون قال : حوادث الدهر .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال مجاهد رَيْبَ المَنُونِ حوادث الدهر . ذكر من قال : عنى به الموت .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : رَيْبَ المَنُونِ يقول : الموت .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : نَتَرَبَصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ قال : يتربصون به الموت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ قال : قال ذلك قائلون من الناس تربصوا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الموت يكفيكموه ، كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : رَيْبَ المَنُونِ قال : هو الموت ، نتربص به الموت ، كما مات شاعر بني فلان ، وشاعر بني فلان .

وحدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : ثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم : احبسوه في وثاق ، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك مَن قبله من الشّعراء زُهير والنابغة ، إنما هو كأحدهم ، فأنزل الله في ذلك من قولهم : أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ الموت ، وقال الشاعر :

تَرَبّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لَعَلّها *** سَيَهْلِكُ عَنْها بَعُلُها أو «تُسَرّحُ »

وقال آخرون : معنى ذلك : ريب الدنيا ، وقالوا : المنون : الموت . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان رَيْبَ المَنُونِ قال : ريب الدنيا ، والمنون : الموت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

وقوله تعالى : { أم يقولون شاعر } الآية ، روي أن قريشاً اجتمعت في دار الندوة فكثرت آراؤهم في محمد صلى الله عليه وسلم حتى قال قائل منهم : { تربصوا به ريب المنون } فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى وغيرهم ، فافترقوا على هذه المقالة فنزلت الآية في ذلك ، والتربص : الانتظار ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

تربص بها ريب المنون لعلها . . . تطلق يوماً أو يموت حليلها{[10651]}

وأنشد الطبري : [ الطويل ]

لعلها سيهلك عنها زوجها أو سيجنح . . . {[10652]}


[10651]:البيت في اللسان، والطبري، والقرطبي، والبحر المحيط، وفتح القدير، وقد ذكروه جميعا شاهدا على أن التربص هو الانتظار، وزاد بعضهم أن الفعل(تربص) يتعدى بإسقاط حرف الجر، وأن الأصل: تربص إلى ريب المنون، وأن(ريب المنون) هو الموت أو حوادث الدهر، والحليل هو الزوج، ومعنى البيت: انتظر الأيام وحوادثها فلعل ذلك يحقق أملك بأن يموت زوجها أو يطلقها.
[10652]:هذه الرواية هي الرواية التي انفرد بها الطبري لهذا البيت، ومع ذلك وقع تحريف في الكلمة الأخيرة، فوردت في أصول الطبري-كما ذكر مُحققه-"أو شحيح"، وبهذا اختل المعنى والوزن، وحاول الإصلاح فاختار بدلا منها كلمة"تسرح"، والتسريح هو الطلاق ويناسب المعنى، وفي الأصول المخطوطة هنا وردت الكلمة"أو سيجنح" أي يميل ويبعد عنها، وهو يعني الفراق والطلاق. ومن الغريب أن القرطبي نسب البيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما، لكن المحقق أكرمه الله غيّر ذلك إلى:"قال الشاعر".