قال مالك وشعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سَفَر في إحدى الركعتين بالتين والزيتون ، فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه . أخرجه الجماعة في كتبهم{[1]} .
اختلف المفسرون هاهنا على أقوال كثيرة فقيل : المراد بالتين مسجد دمشق . وقيل : هي نفسها . وقيل : الجبل الذي عندها .
وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف{[30230]} .
وروى العوفي ، عن ابن عباس : أنه مسجد نوح الذي على الجودي .
{ وَالزَّيْتُونِ } قال كعب الأحبار ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم : هو مسجد بيت المقدس .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِيَ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ فقال بعضهم : عُنِي بالتين : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الزيتون الذي يُعْصر . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قول الله : والتّينِ والزّيْتُونِ قال : تينكم هذا الذي يؤكل ، وزيتونكم هذا الذي يُعصر .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت الحكم يحدّث ، عن عكرِمة ، قال : التين : هو التين ، والزيتون : الذي تأكلون .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : تينكم وزيتونكم .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سُئل عكرِمة عن قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين تينكم هذا ، والزيتون : زيتونكم هذا .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يُؤكل ، والزيتون : الذي يعصر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، جميعا عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : الفاكهة التي تأكل الناس .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سلام بن سليم ، عن خَصِيف ، عن مجاهد ( َالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : هو تينكم وزيتونكم .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يُعصر .
حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبيّ ( ولتّينِ والزّيْتُونِ ) هو الذي ترون .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) : التين تينكم ، والزيتون زيتونكم هذا .
وقال آخرون : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا رَوْح ، قال : حدثنا عوف ، عن يزيد أبي عبد الله ، عن كعب أنه قال في قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ )قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( والتّينِ ) قال : الجبل الذي عليه دمشق ( والزّيْتُونِ ) : الذي عليه بيت المقدس .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) ذُكر لنا أن التين الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الذي عليه بيت المقدس .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسألته عن قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون ، مسجد إيلياء .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر ، عن عكِرمة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : هم جبلان .
وقال آخرون : التين : مسجد نوح ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) يعني مجسد نوح الذي بني على الجُودِيّ ، والزيتون : بيت المقدس ، قال : ويقال : التين والزيتون وطور سينين : ثلاثة مساجد بالشام .
والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : التين : هو التين الذي يُؤكل ، والزيتون : هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت ، لأن ذلك هو المعروف عند العرب ، ولا يُعرف جبل يسمى تينا ، ولا جبل يقال له زيتون ، إلاّ أن يقول قائل : أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون . والمراد من الكلام : القسمَ بمنابت التين ، ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا ، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك ، دلالة في ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوّز خلافه ، لأن دمشق بها منابت التين ، وبيت المقدس منابت الزيتون .
وهي مكية ، لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين{[1]} .
اختلف الناس في معنى { التين والزيتون } اللذين أقسم الله تعالى بهما ، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل : هو { التين } الذي يؤكل { والزيتون } الذي يعصر ، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تيناً أهدي إليه ، فقال : «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم{[11890]} ، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس »{[11891]} ، وقال عليه السلام : «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي{[11892]} » ، وقال كعب وعكرمة : القسم بمنابتها ، وذلك أن { التين } ينبت بدمشق ، { والزيتون } ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين ، وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق ، وعلى الآخر بيت المقدس ، وقال ابن زيد : { التين } مسجد دمشق ، { والزيتون } مسجد إلياء ، وقال ابن عباس وغيره : { التين } مسجد نوح { والزيتون } مسجد إبراهيم ، وقيل { التين والزيتون وطور سينين } ، ثلاثة مساجد بالشام ، وقال محمد بن كعب القرظي : { التين } مسجد أصحاب الكهف ، و { الزيتون } مسجد إيلياء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.