قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : المراد بالصلصال هاهنا : التراب اليابس .
والظاهر أنه كقوله تعالى : { خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مَن مَّارِجٍ مِّنْ نَّارٍ } [ الرحمن : 14 - 15 ]
وعن مجاهد أيضا : الصلصال : المنتن .
وتفسير الآية بالآية أولى{[16149]}
وقوله : { مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ } أي : الصلصال من حمأ ، وهو : الطين . والمسنون : الأملس ، كما قال الشاعر{[16150]} ثم خاصرتها إلى القبة الخضراء تمشي في مرمر مسنون
ولهذا روي عن ابن عباس : أنه قال : هو التراب الرطب . وعن ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك أيضا : أن الحمأ المسنون هو المنتن . وقيل : المراد بالمسنون هاهنا : المصبوب .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مّنْ حَمَإٍ مّسْنُونٍ } .
يقول تعالى ذكره : ولقد خلقنا آدم وهو الإنسان من صلصال . واختلف أهل التأويل في معنى الصلصال فقال بعضهم : هو الطين اليابس لم تصبه نار ، فإذا نقرته صَلّ فسمعت له صلصلة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهديّ ، قالا : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : خلق آدم من صلصال من حمأ ومن طين لازب . وأما اللازب : فالجيد ، وأما الحَمَأ : فالحمأة ، وأما الصّلصال : فالتراب المرقّق . وإنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ صَلْصَالٍ قال : والصلصال : التراب اليابس الذي يسمع له صلصلة .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حمأٍ مَسْنُونٍ قال : الصلصال : الطين اليابس يسمع له صلصلة .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن صالح ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : مِنْ صَلْصَالٍ قال : الصلصال : الماء يقع على الأرض الطيبة ثم يحسِرُ عنها ، فتشقق ، ثم تصير مثل الخَزَف الرقاق .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : خُلق الإنسان من ثلاثة : من طين لازب ، وصلصال ، وحمأ مسنون . والطين اللازب : اللازق الجيد ، والصلصال : المرقق الذي يصنع منه الفخار ، والمسنون : الطين فيه الحَمْأة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : هو التراب اليابس الذي يُبَلّ بعد يُبسه .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن مسلم ، عن مجاهد ، قال : الصلصال : الذي يصلصل ، مثل الخَزَف من الطين الطيب .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك ، يقول : الصلصال : طين صُلْب يخالطه الكثيب .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : مِنْ صَلْصَالٍ قال : التراب اليابس .
وقال آخرون : الصلصال : المُنْتِن . وكأنهم وجّهُوا ذلك إلى أنه من قولهم : صَلّ اللحم وأصلّ : إذا أنتن ، يقال ذلك باللغتين كلتيهما : يَفْعَل وأَفْعَل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : مِنْ صَلْصَالٍ الصلصال : المنتن .
والذي هو أولى بتأويل الاَية أن يكون الصلصال في هذا الموضع الذي له صوت من الصلصلة وذلك أن الله تعالى وصفه في موضع آخر فقال : خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كالفَخّارِ فشبهه تعالى ذكره بأنه كان كالفخّار في يُبسه . ولو كان معناه في ذلك المُنتِن لم يشبه بالفخار ، لأن الفخار ليس بمنتن فيشبّه به في النتن غيره .
وأما قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ فإن الحمأ : جمع حمأة ، وهو الطين المتغَيّر إلى السواد . وقوله : مَسْنُونٍ يعني : المتغير .
واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى قوله : مَسْنُونٍ فكان بعض نحوييّ البصريين يقول : عُني به : حمأ مصوّر تامّ . وذُكر عن العرب أنهم قالوا : سُنّ على مثال سُنّة الوجه : أي صورته . قال : وكأن سُنة الشيء من ذلك : أي مثالَه الذي وُضع عليه . قال : وليس من الاَسن المتغير ، لأنه من سَنَن مضاعف .
وقال آخر منهم : هو الحَمَأ المصبوب . قال : والمصبوب : المسنون ، وهو من قولهم : سَنَنْت الماء على الوجه وغيره إذا صببته .
وكان بعض أهل الكوفة يقول : هو المتغير ، قال : كأنه أخذ من سَنَنْت الحَجَر على الحجر ، وذلك أن يحكّ أحدهما بالاَخر ، يقال منه : سننته أَسْنّه سَنّا فهو مسنون . قال : ويقال للذي يخرج من بينهما : سَنِين ، ويكون ذلك مُنْتنا . وقال : منه سُمّيَ المِسَنّ لأن الحديد يُسَنّ عليه .
وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك نحو ما قلنا . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : الحمأ : المنتنة .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : الذي قد أنتن .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : منتن .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : هو التراب المبتلّ المنتنُ ، فجعل صَلصالاً كالفَخار .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : منتن .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ والحمأ المسنون : الذي قد تغير وأنتن .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : قد أنتن ، قال : منتنة .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : من طين لازب ، وهو اللازق من الكثيب وهو الرمل .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ قال : الحمأ المنتن .
وقال آخرون منهم في ذلك : هو الطين الرّطْب . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ يقول : من طين رَطب .
{ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال } من طين يابس يصلصل أي يصوت إذا نقر . وقيل هو من صلصل إذا أنتن تضعيف صل . { من حمأٍ } طين تغير واسود من طول مجاورة الماء ، وهو صفة صلصال أي كائن { من حمأ } . { مسنون } مصور من سنه الوجه ، أو منصوب لييبس ويتصور كالجواهر المذابة تصب في القوالب ، من السن وهو الصب كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف ، فيبس حتى إذا نقر صلصل ، ثم غير ذلك طورا بعد طور حتى سواه ونفخ فيه من روحه ، أو منتن من سننت الحجر على الحجر إذا حككته به ، فإن ما يسيل بينهما يكون منتنا ويسمى السنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.