إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان } أي هذا النوع بأن خلقنا أصله وأول فرد من أفراده خلقاً بديعاً منطوياً على خلق سائر أفراد انطواء إجماليا كما مر تحقيقه في سورة الأنعام { مِن صَلْصَالٍ } من طين يابس غير مطبوخ ، يصلصل أي يصوت عند نقره ، قبل إذا توهمت في صوته مدا فهو صليل ، وإن توهمت فيه ترجيعاً فهو صلصلة ، وقيل : هو تضعيف صل إذا أنتن { مِّنْ حَمَإٍ } من طين تغير وأسود بطول مجاورة الماء وهو صفة لصلصال ، أي من صلصال كائن من حمإ{ مَّسْنُونٍ } أي مصور ، من سنة الوجه وهي صورته ، أو مصبوب ، من سن الماء صبه أي مفرغ على هيئة الإنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في القوالب ، وقيل : منتن فهو صفة لهما ، و على الأولين حقه أن يكون صفة لصلصال وإنما أخر عن حمإ تنبيها على أن ابتداء مسنونيته ليس في حال كونه صلصالا ، ً بل في حال كونه حمإ ، كأنه سبحانه أفرغ الحمأ فصور من ذلك تمثال إنسانا أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت ثم غيره إلى جوهر آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .