تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

{ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون26والجان خلقناه من قبل من نار السموم27 وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون28 فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين29 فسجد الملائكة كلهم أجمعون30 إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين31 قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين32 قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون33 قال فاخرج منها فإنك رجيم34 وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين35 قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون36 قال فإنك من المنظرين37 إلى يوم الوقت المعلوم38 قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين39 إلا عبادك منهم المخلصين40 قال هذا صراط علي مستقيم41 إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين42 وإن جهنم لموعدهم أجمعين43 لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم44 } .

المفردات :

صلصال : طين يابس يسمع له صلصلة ، أي : صوت إذا نقر .

حمإ : طين تغيّر واسودّ من طول مجاورة الماء .

مسنون : مصور مفرغ على هيئة الإنسان .

التفسير :

26{ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون } .

أي : خلقنا الإنسان من طين يابس ، يسمع له صلصلة ، أي : صوت إذا نقر ، والمراد بالإنسان : آدم عليه السلام ، وقد ذكرت آيات أخرى : أن الإنسان خلق من تراب ، وفي آيات أنه خلق من طين ، وهنا ذكر : أنه خلق من صلصال من حمإ مسنون .

وقد ذكر مقاتل بن سليمان في تفسير خمسمائة آية من القرآن الكريم ، وفيها بيان للمتشابه من آيات القرآن : أن هذه الآيات في مجموعها تشير إلى مراحل الخلق التي مر بها خلق الإنسان ، فالمراحل الأولى لخلق الإنسان كانت من التراب ، ثم أضيف الماء إلى التراب فصار طينا ، وهذه هي المراحل السابقة ، قال تعالى : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } . ( آل عمران : 59 ) .

وقال عز شانه : { إني خالق بشرا من طين } . ( ص : 71 ) .

والآية التي معنا تشير إلى المراحل الأخيرة في خلق الإنسان ، وهي مرحلة الخلق{ من صلصال } ، أي : طين يصلصل ويصوت ؛ إذا نقر أو حرك ، وإذا ترك الطين في الماء حتى أنتن واسودّ ، وتغير فهو الحمأ المسنون ، وإنما خلقه على ذلك الوضع ؛ ليكون خلقه أعجب ، وأتم في الدلالة على القدرة .

جاء في زبدة التفسير من فتح القدير :

{ ولقد خلقنا الإنسان } .

هو : آدم ، والصلصال هو : الطين اليابس ، يتصلصل إذا حرك ، فإذا طبخ في النار فهو الفخار .

والحمأ : الطين الأسود المتغير .

والمسنون : هو المتغير ، فالتراب لما بلّ ؛ صار طينا ، فلما أنتن ؛ صار حمأ مسنونا ، فلما يبس ؛ صار صلصالا . اه .

وجاء في التفسير الوسيط :

والمقصود من هذه الآيات الكريمة : التنبيه على عجيب صنع الله تعالى ، وعظيم قدرته ، حيث أخرج سبحانه ، من هذه المواد بشرا سويّا في أحسن تقويمxxiii .

وقال النسفي : وفي الأول كان ترابا ، فعجن بالماء طينا ، فمكث ؛ فصار حمأ ، فخلص ؛ فصار سلالة ، فصور ويبس ؛ فصار صلصالا .