تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَٱلَّذَانِ يَأۡتِيَٰنِهَا مِنكُمۡ فَـَٔاذُوهُمَاۖ فَإِن تَابَا وَأَصۡلَحَا فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابٗا رَّحِيمًا} (16)

وقوله : { وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } أي : واللذان يأتيان{[6790]} الفاحشة فآذوهما . قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير وغيرهما : أي بالشتم والتعيير ، والضرب بالنعال ، وكان الحكم كذلك حتى نسخه الله بالجلد أو الرجم .

وقال عكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وعبد الله بن كثير : نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا .

وقال السدي : نزلت في الفتيان قبل أن يتزوجوا .

وقال مجاهد : نزلت في الرجلين إذا فعلا لا يكنى ، وكأنه يريد اللواط ، والله أعلم .

وقد روى أهل السنن ، من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رأيتُمُوه يَعَمَلُ عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فاقتلوا الفاعلَ والمفعول بِهِ " {[6791]}

وقوله : { فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا } أي : أقلعا ونزعا عما كانا عليه ، وصَلُحت أعمالهما وحسنت { فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } أي : لا تُعَنِّفُوهما بكلام قَبِيح بعد ذلك ؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له { إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } وقد ثبت في الصحيحين " إذا زَنَتْ أمَة أحدكُم فَلْيَجْلدْها الحدَّ ولا يُثَرِّبْ عليها " أي : ثم لا يُعَيِّرُهَا بما صَنَعتْ بعد الحد ، الذي هو كفارة لما صَنَعتْ .


[6790]:في جـ، ر، أ: "يفعلان".
[6791]:رواه أبو داود في السنن برقم (4462) والترمذي في السنن برقم (1455) وابن ماجة في السنن برقم (2561).