محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّذَانِ يَأۡتِيَٰنِهَا مِنكُمۡ فَـَٔاذُوهُمَاۖ فَإِن تَابَا وَأَصۡلَحَا فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابٗا رَّحِيمًا} (16)

/ ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما16 ) .

( واللذان ) : بتخفيف النون وتشديدها ( يأتيانها ) أي الفاحشة ( منكم ) أي الرجال ( فآذوهما ) بالسب والتعيير ، ليندما على ما فعلا ( فان تابا وأصلحا ) أي أعمالهما ( فأعرضوا عنهما ) بقطع الأذية والتوبيخ ، وبالإغماض والستر . فان التوبة والصلاح مما يمنع استحقاق الذم والعقاب ( ان الله كان توابا ) أي على من تاب ( رحيما ) واسع الرحمة . وهو تعليل للأمر بالإعراض .

تنبيه :

هذا الحكم المذكور في الآيتين منسوخ ، بعضه بالكتاب وبعضه بالسنة . قال الإمام الشافعي في ( الرسالة ) في ( أبواب الناسخ والمنسوخ ) بعد ذكره هاتين الآيتين

376

: ثم نسخ الله الحبس والأذى في كتابه فقال : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) .

فدلت السنة على أن جلد المائة للزانيين البكرين ( لحديث عبادة بن الصامت المتقدم ) .

ثم قال : فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين ، ومنسوخ عن الثيبين . وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين . ثم قال :

لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام . والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " –أول ما نزل . فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين .

فلما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا ولم يجلده ، وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة الأسلمي ، فان اعترفت رجمها –دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين . وثبت الرجم عليهما . لأن كل شيء

أبدا

بعد أول فهو آخر . انتهى . {[1582]}


[1582]:رسالة الشافعي بتحقيق أحمد محمد شاكر وهذه أرقام فقرها.