تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ هُمۡ يَصۡدِفُونَ} (46)

يقول الله تعالى لرسوله [ محمد ]{[10688]} صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المكذبين المعاندين : { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ } أي : سلبكم إياها كما أعطاكموها فإنه { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ [ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ] {[10689]} } [ الملك : 33 ] .

ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما الانتفاع الشرعي ؛ ولهذا قال : { وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ } كما قال : { أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ } [ يونس : 31 ] ، وقال : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [ الأنفال : 24 ] .

وقوله : { مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ } أي : هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم إذا سلبه الله منكم ؟ لا يقدر على ذلك أحد سواه ؛ ولهذا قال [ عز شأنه ]{[10690]} { انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ } أي : نبينها ونوضحها ونفسرها دالة على أنه لا إله إلا الله ، وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال { ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } أي : ثم هم مع هذا البيان يعرضون عن الحق ، ويصدون الناس عن اتباعه .

قال العوفي ، عن ابن عباس { يَصْدِفُونَ } أي يعدلون . وقال مجاهد ، وقتادة : يعرضون : وقال السُّدِّي : يصدون .


[10688]:زيادة من أ.
[10689]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[10690]:زيادة من أ.