لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ هُمۡ يَصۡدِفُونَ} (46)

قوله تعالى : { قل أرأيتم } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين : { إن أخذ الله سمعكم } يعني الذي تسمعون به فأصمكم حتى لا تسمعوا شيئاً { وأبصاركم } يعني وأخذ أبصاركم التي تبصرون بها فأعماكم حتى لا تبصروا شيئاً أصلاً { وختم على قلوبكم } يعني لا تفقهوا شيئاً أصلاً ولا تعرفوا شيئاً مما تعرفون من أمور الدنيا . وإنما ذكر هذه الأعضاء الثلاثة ، لأنها أشرف أعضاء الإنسان فإذا تعطلت هذه الأعضاء ، اختل نظام الإنسان وفسد أمره وبطلت مصالحه في الدين والدنيا . ومقصود هذا الكلام ذكر ما يدل على وجود الصانع الحكيم المختار وتقريره أن القادر على إيجاد هذه الأعضاء وأخذها هو الله تعالى المستحق للعبادة لا الأصنام التي تعبدونها وهو قوله تعالى : { من إله غير الله يأتيكم به } يعني يأتيكم بما أخذ الله منكم لأن الضمير في به يعود على معنى الفعل ويجوز أن يعود على السمع الذي ذكر أولاً ويندرج تحته غيره { انظر } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويدخل معه غيره أن انظر يا محمد { كيف نصرف الآيات } يعني كيف نبين لهم العلامات الدالة على التوحيد والنبوة { ثم هم يصدفون } يعني يعرضون عنها مكذبين لها .