وقوله : { يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } ؟ هذا تهديد ، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب ؛ حيث قال : { الْكَرِيمِ } حتى يقول قائلهم : غره كرمه . بل المعنى في هذه الآية : ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم - أي : العظيم - حتى أقدمت على معصيته ، وقابلته بما لا يليق ؟ كما جاء في الحديث : " يقول الله يوم القيامة : ابن{[29804]} آدم ، ما غرك بي ؟ ابن آدم ، ماذا أجبتَ المرسلين ؟ " .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان : أن عمر سمع رجلا يقرأ : { يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } فقال عمر : الجهل{[29805]} .
وقال أيضا : حدثنا عمر بن شَبَّة ، حدثنا أبو خلف ، حدثنا يحيى البكاء ، سمعت ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية : { يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } قال ابن عمر : غره - والله - جهله .
قال : ورُوي عن ابن عباس ، والربيع بن خُثَيم{[29806]} والحسن ، مثل ذلك .
وقال قتادة : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } شيءٌ ، ما غَرّ ابن آدم غير هذا العدو الشيطان .
وقال الفضيل بن عياض : لو قال لي : " ما غرك بي{[29807]} لقلت : سُتُورك المُرخاة .
وقال أبو بكر الوراق : لو قال لي : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } لقلت : غرني كرم الكريم .
قال البغوي : وقال بعض أهل الإشارة : إنما قال : { بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } دون سائر أسمائه وصفاته ، كأنه لقنه الإجابة{[29808]} .
وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل ؛ لأنه إنما أتى باسمه { الْكَرِيم } ؛ لينبه{[29809]} على أنه لا ينبغي أن يُقَابَل الكريم بالأفعال القبيحة ، وأعمال السوء .
و [ قد ]{[29810]} حكى البغوي ، عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا نزلت هذه الآية في الأسود بن شَريق ، ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعاقب في الحالة الراهنة ، فأنزل الله : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } ؟{[29811]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.