لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ} (6)

قوله عز وجل : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم } أي ما خدعك ، وسول لك الباطل حتى صنعت ما صنعت ، وضيعت ما أوجب عليك ، والمعنى ماذا أمنك من عقابه ، قيل نزلت في الوليد بن المغيرة ، وقيل في أبي الشّريق ، واسمه أسيد بن كلدة ، وقيل كلدة بن خلف ، وكان كافراً ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقبه الله وأنزل الله هذه الآية ، وقيل الآية عامة في كل كافر وعاص ، يقول ما الذي غرك ، قيل غره حمقه ، وجهله وقيل تسويل الشّيطان له ، وقيل غره عفو الله عنه حيث لم يعاجله بالعقوبة في أول مرة بربك الكريم ، أي المتجاوز عنك ، فهو بكرمه لك لم يعاجلك بعقوبته بل بسط لك المدة لرجاء التّوبة . قال ابن مسعود " ما منكم من أحد إلا سيخلو الله عز وجل به يوم القيامة . فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ! ماذا عملت ؟ فيما علمت يا ابن آدم ؟ ماذا أجبت المرسلين " ، وقيل للفضيل بن عياض لو أقامك الله يوم القيامة فيقول لك يا ابن آدم ما غرك بربك الكريم ؛ ماذا كنت تقول . قال : أقول غرني ستورك المرخاة ، وقال يحيى بن معاذ : لو أقامني بين يديه ، وقال ما غرك بي أقول غرني بربك بي سالفاً وآنفاً ، وقال أبو بكر الوراق لو قال لي ما غرك بربك الكريم لقلت غرني كرم الكريم ، وقال بعض أهل الإشارة . إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه ، وصفاته كأنه لقنه حجته في الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم .