البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ} (6)

وقرأ الجمهور : { ما غرك } ، فما استفهامية .

وقرأ ابن جبير والأعمش : ما أغرك بهمز ، فاحتمل أن يكون تعجباً ، واحتمل أن تكون ما استفهامية ، وأغرك بمعنى أدخلك في الغر .

وقال الزمخشري : من قولك غر الرجل فهو غار ، إذا غفل من قولك بينهم العدو وهم غارون ، وأغرة غيره : جعله غاراً . انتهى .

وروي أنه عليه الصلاة والسلام قرأ : { ما غرك بربك الكريم } ، فقال : جهله وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأ أنه كان ظلوماً جهولاً ، وهذا يترتب في الكافر والعاصي .

وقال قتادة : عدوه المسلط عليه ، وقيل : ستر الله عليه .

وقيل : كرم الله ولطفه يلقن هذا الجواب ، فهذا لطف بالعاصي المؤمن .

وقيل : عفوه عنه إن لم يعاقبه أول مرة .

وقال الفضيل رضي الله عنه : ستره المرخى .

وقال ابن السماك :

يا كاتم الذنب أما تستحي *** والله في الخلوة رائيكا

غرك من ربك إمهاله *** وستره طول مساويكا

وقال الزمخشري : في جواب الفضيل ، وهذا على سبيل الاعتراف بالخطأ .

بالاغترار : بالستر ، وليس باعتذار كما يظنه الطماع ، ويظن به قصاص الحشوية ، ويروون عن أئمتهم إنما قال : { بربك الكريم } دون سائر صفاته ، ليلقن عبده الجواب حتى يقول : غرني كونه الكريم . انتهى .

وهو عادته في الطعن على أهل السنة .