تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأٞ وَلَا نَصَبٞ وَلَا مَخۡمَصَةٞ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوۡطِئٗا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّٖ نَّيۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٞ صَٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (120)

يعاتب تعالى المتخلّفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك ، من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب ، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل من المشقة ، فإنهم نَقَصُوا أنفسهم من الأجر ؛ لأنهم{[13989]} { لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } وهو : العطش { وَلا نَصَبٌ } وهو : التعب { وَلا مَخْمَصَةٌ } وهي : المجاعة{[13990]} { وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ } أي : ينزلون منزلا{[13991]} يُرهبُ عدوهم { وَلا يَنَالُونَ } منه ظفرًا وغلبة عليه إلا كتب الله لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرتهم ، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم ، أعمالا صالحة وثوابا جزيلا { إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } كما قال تعالى : { إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا } [ الكهف : 30 ] .


[13989]:- في ت ، أ : "لأنه".
[13990]:- في ت : "المجامعة".
[13991]:- في أ : "مالا".