{ فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه } وهي المشربة التي كان الملك يشرب فيها ، قال ابن عباس : كانت من زبرجد ، وقال ابن إسحاق كانت من فضة وقيل من ذهب ، وقال عكرمة : كانت مشربة من فضة مرصعة بالجواهر جعلها يوسف مكيالاً لئلا يكال بغيرها وكان يشرب فيها والسقاية والصواع اسم لإناء واحد وجعلت في وعاء طعام أخيه بنيامين ثم ارتحلوا راجعين إلى بلادهم فأمهلهم يوسف حتى انطلقوا وذهبوا منزلاً وقيل حتى خرجوا من العمارة ثم أرسل خلفهم من استوقفهم وحبسهم { ثم أذن مؤذن } يعني نادى مناد وأعلم معلم .
والأذان في اللغة الإعلام { أيتها العير } وهي القافلة التي في الأحمال ، وقال مجاهد : العير الحمير والبغال ، وقال أبو الهيثم : كل ما سير عليه من الإبل والحمير والبغال فهي عير وقول من قال إنها الإبل خاصة باطل وقيل العير الإبل التي تحمل عليها الأحمال سميت بذلك لأنها تعير أي تذهب وتجيء وقيل هي قافلة الحمير ثم كثر ذلك في الاستعمال حتى قيل لكل قافلة عير وقوله أيتها العير أراد أصحاب العير { إنكم لسارقون } فقفوا والسرقة أخذ ما ليس له أخذه في خفاء .
فإن قلت هل كان هذا النداء بأمر يوسف أم لا فإن كان بأمره فكيف يليق بيوسف مع علو منصبه وشريف رتبته من النبوة والرسالة أن يتهم أقواماً وينسبهم إلى السرقة كذباً مع علمه ببراءتهم من ذلك وإن كان ذلك النداء بغير أمره فهلا أظهر براءته عن تلك التهمة التي نسبوا إليها .
قلت ذكر العلماء عن هذا السؤال أجوبة :
أحدها : أن يوسف لما أظهر لأخيه أنه أخوه قال لست أفارقك قال لا سبيل إلى ذلك إلا بتدبير حيلة أنسبك فيها إلى ما يليق قال رضيت بذلك فعلى هذا التقدير لم يتألم قلبه بسبب هذا الكلام بل قد رضي به فلا يكون ذنباً .
الثاني : أن يكون المعنى إنكم لسارقون ليوسف من أبيه إلا أنهم ما أظهروا هذا الكلام فهو من المعاريض وفي المعاريض مندوحة عن الكذب .
الثالث : يحتمل أن يكون المنادي ربما قال ذلك النداء على سبيل الاستفهام وعلى هذا التقدير لا يكون كذباً .
الرابع : ليس في القرآن ما يدل على أنهم قالوا ذلك بأمر يوسف وهو الأقرب إلى ظاهر الحال لأنهم طلبوا السقاية فلم يجدوها ولم يكن هناك أحد غيرهم وغلب على ظنهم أنهم هم الذين أخذوها فقالوا ذلك بناء على غلبة ظنهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.