لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (38)

{ وأقسموا بالله جهد أيمانهم } قال ابن الجوزي : سبب نزولها أن رجلاً من المسلمين كان له على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به المسلم : والذي أرجوه بعد الموت . فقال المشرك : إنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت ، وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت فنزلت هذه الآية قاله أبو العالية . وتقرير الشبهة التي حصلت للمشركين في إنكار البعث بعد الموت أن الإنسان ليس هو ، إلا هذه البنية المخصوصة ، فإذا مات وتفرقت أجزاؤه وبلى امتنع عوده بعينه لأن الشيء إذا عدم فقد فني ، ولم يبق له ذات ولا حقيقة بعد فنائه وعدمه ، فهذا هو أصل شبهتهم ومعتقدهم في إنكار البعث بعد الموت ، فذلك قوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم { لا يبعث الله من يموت } فرد الله عليهم ذلك ، وكذبهم في قولهم فقال تعالى { بلى } يعني بلى يبعثهم بعد الموت لأن لفظة بلى إثبات لما بعد النفي . والجواب عن شبهتهم أن الله سبحانه وتعالى ، خلق الإنسان وأوجده من العدم ولم يك شيئاً فالذي أوجده بقدرته ثم أعدمه قادر على إيجاده بعد إعدامه لأن النشأة الثانية أهون من الأولى { وعداً عليه حقاً } يعني أن الذي وعد به من البعث بعد الموت وعد حق لا خلف فيه { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } يعني لا يفهمون كيف يكون ذلك العود والله سبحانه وتعالى ، قادر على كل شيء .