البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (38)

وعن أبي العالية : نزلت في رجل من المسلمين تقاضى ديناً على رجل من المشركين ، فكان فيما تكلم به المسلم الذي ادخره بعد الموت فقال المشرك ، وأنكر أنك تبعث بعد الموت ، وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت ، بلى رد عليه ما نفاه ، وأكده بالقسم ، والتقدير : بلى يبعثه .

وانتصب وعداً وحقاً على أنهما مصدران مؤكدان لما دل عليه بلى من تقدير المحذوف الذي هو يبعثه .

وقال الحوفي : حقاً نعت لو عدا .

وقرأ الضحاك : بلى وعد حق ، والتقدير : بعثهم وعد عليه حق ، وحق صفة لوعد .

وقال الزمخشري : وأقسموا بالله معطوف على وقال الذين أشركوا ، إيذاناً بأنهما كفرتان عظيمتان موصوفتان حقيقتان بأن تحكيا وتدوّنا ، توريك ذنوبهم على مشيئة الله ، وإنكارهم البعث مقسمين عليه ، وبيّن أنّ الوفاء بهذا الموعد حق واجب عليه ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنهم يبعثون ، أو أنه وعد واجب على الله لأنهم يقولون : لا يجب على الله شيء ، لا ثواب عامل ولا غيره من مواجب الحكمة انتهى .

وهو على طريقة الاعتزال .

وأكثر الناس هم الكفار المكذبون بالبعث .

وأما قول الشيعة : إن الإشارة بهذه الآية إنما هي لعليّ بن أبي طالب ، وأن الله سيبعثه في الدنيا ، فسخافة من القول .

والقول بالرجعة باطل وافتراء على الله على عادتهم ، رده ابن عباس وغيره .