لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ} (24)

وقالوا : ما أخبرنا الله عنهم بقوله تعالى : { قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً } يعني : قال قوم موسى لموسى إنا لن ندخل مدينة الجبارين أبداً يعني مدة حياتنا { ما داموا فيها } يعني مقيمين فيها { فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } إنما قالوا هذه المقالة لأن مذهب اليهود التجسيم فكانوا يجوزون الذهاب والمجيء على الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً . قال بعض العلماء : إن كانوا قالوا هذا على وجه الذهاب من مكان إلى مكان فهو كفر وإن كانوا قالوه على وجه الخلاف لأمر الله وأمر نبيه فهو فسق ، وقال بعضهم : إنما قالوه على وجه المجاز . والمعنى : اذهب أنت وربك معين لك لكن قوله : فقاتلا يفسد هذا التأويل . وقال بعضهم : إنما أرادوا بقولهم وربك أخاه هارون لأنه كان أكبر من موسى والأصح أنهم إنما قالوا ذلك جهلاً منهم بالله تعالى وصفاته ومنه قوله تعالى :{ وما قدروا الله حق قدره } ( خ ) .

عن ابن مسعود قال : شهدت من المقداد بن الأسود مشهداً لأن أكون أنا صاحبه أحب إليّ مما عدل به أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين يوم بدر فقال يا رسول الله ألا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ولكن امض ونحن معك فكأنه سرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي رواية : لكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرَّ .