روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ} (24)

{ قَالُواْ } غير مبالين بهما وبمقالتهما مخاطبين لموسى عليه السلام إظهاراً لإصرارهم على القول الأول وتصريحاً بمخالفتهم له عليه السلام { ياموسى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا } أي أرض الجبابرة فضلاً عن الدخول عليهم وهم في بلدهم { أَبَدًا } أي دهراً طويلاً ، أو فيما يستقبل من الزمان كله { مَّا دَامُواْ فِيهَا } أي في تلك الأرض ، وهو بدل من { أَبَدًا } بدل البعض ؛ وقيل : بدل الكل من الكل ، أو عطف بيان لوقوعه بين النكرتين ؛ ومثله في الابدال قوله :

وأكرم أخاك الدهر ( ما دمتما ) معا *** كفى بالممات فرقة وتنائيا

فإن قوله : «ما دمتما » بدل من الدهر .

{ فاذهب } أي إذا كان الأمر كذلك فاذهب { أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا } أي فقاتلاهم وأخرجاهم حتى ندخل الأرض ؛ وقالوا ذلك استهانة واستهزاءاً به سبحانه وبرسوله عليه الصلاة والسلام وعدم مبالاة ، وقصدوا ذهابهما حقيقة كما ينبىء عنه غاية جهلهم وقسوة قلوبهم ، والمقابلة بقوله تعالى : { إِنَّا هاهنا قاعدون } ، وقيل : أرادوا إرادتهما وقصدهما كما تقول : كلمته فذهب يجيبني كأنهم قالوا : فأريدا قتالهم واقصداهم ، وقال البلخي : المراد : فاذهب أنت وربك يعينك ، فالواو للحال ، و { أَنتَ } مبتدأ حذف خبره وهو خلاف الظاهر ، ولا يساعده { فَقَاتِلا } ولم يذكروا أخاه هارون عليهما السلام ولا الرجلين اللذين قالا كأنهم لم يجزموا بذهابهم أو لم يعبأوا بقتالهم ، وأرادوا بالقعود عدم التقدم لا عدم التأخر أيضاً .