نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ} (24)

فكأنه قيل : لقد نصحا لهم وبرّا ، واجتهدا{[24961]} في إصلاح الدين والدنيا فما خدعا ولا غرّا ، فما قالوا ؟ فقيل : لم يزدهم ذلك إلا{[24962]} نفاراً واستضعافاً لأنفسهم لإعراضهم عن الله واستصغاراً لأنهم { قالوا } معرضين عمن خاطباهم غيرعادين{[24963]} لهما{[24964]} { يا موسى } وأكدوا نفيهم للإقدام عليهم بقولهم : { إنا } وعظموا تأكيدهم بقولهم{[24965]} : { لن ندخلها } وزادوه تأكيداً بقولهم : { أبداً } وقيدوا ذلك بقولهم : { ما داموا } أي الجبابرة { فيها } أي لهم اليد عليها ، ثم اتبعوه بما يدل على أنهم{[24966]} في غاية الجهل بالله الفعال لما يريد .

الغني عن جميع العبيد ، فقالوا مسببين عن نفيهم ذلك قولهم : { فاذهب أنت وربك } أي المحسن إليك ، فلم يذكروا أنه أحسن إليهم كثافة{[24967]} طباع وغلظ أكباد ، بل{[24968]} خصوه بالإحسان ، وهذا القول إن{[24969]} لم يكن قائلوه يعتقدون التجسيم{[24970]} فهم مشارفون له ، وكذلك{[24971]} أمثاله ، و{[24972]} كان اليهود الآن عريقين في التجسيم ، ثم{[24973]} سببوا عن الذهاب قولهم : { فقاتلا } ثم استأنفوا قولهم مؤكدين لأن من له طبع سليم وعقل مستقيم لا يصدق أن أحداً يتخلف عن أمر الله لا سيما إن كان بمشافهة الرسول : { إنا هاهنا } أي خاصة { قاعدون } أي لا نذهب معكما ، فكان فعلهم فعل من يريد السعادة بمجرد ادعاء الإيمان من غير تصديق له بامتحان بفعل ما{[24974]} يدل على الإيقان ؛ روى البخاري في المغازي والتفسير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " قال المقداد بن عمرو يوم بدر : يا رسول الله ! لا نقول كما قال قوم{[24975]} موسى : { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } ولكن{[24976]} امض{[24977]} ونحن{[24978]} معك ، نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك{[24979]} وخلفك ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرَّه "


[24961]:في ظ: اجتهد.
[24962]:زيد من ظ.
[24963]:في ظ: عادلين.
[24964]:في الأصل و ظ: لهم.
[24965]:في ظ: بقوله.
[24966]:في ظ: إنه.
[24967]:في ظ: كافة- كذا.
[24968]:سقط من ظ.
[24969]:زيد من ظ.
[24970]:العبارة من هنا إلى "في التجسيم سقطت من ظ.
[24971]:في الأصل: وأمثاله- كذا.
[24972]:في الأصل: وأمثاله- كذا.
[24973]:من ظ، وفي الأصل "و".
[24974]:زيد من ظ.
[24975]:سقط من ظ.
[24976]:من ظ وصحيح البخاري، وفي الأصل: لكنا، وزيد بعده فيه: نقول، ولم تكن الزيادة في ظ والصحيح فحذفناها.
[24977]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[24978]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[24979]:زيد من ظ والصحيح.